أبقى صندوق النقد الدولي على توقعات نمو الاقتصاد العالمي خلال العامين الحالي والمقبل، لكنه سلط الضوء على زيادة احتمالات الأداء المخيب للآمال جراء المخاطر التي تلوح في الأفق.

ويكشف صندوق النقد في تقرير آفاق الاقتصاد العالمي لشهر يوليو أن الناتج المحلي الإجمالي العالمي سينمو بنحو 3.9% في عامي 2018 و2019 وهي نفس تقديرات أبريل السابقة.

أداء مخيب للآمال

ويؤكد التقرير أن معدل التوسع الاقتصادي بلغ ذروته في بعض الدول الكبرى، لكنه أكد استمرار التوسع خلال العامين الحالي والمقبل رغم أن النمو بات أقل تزامناً كما زادت احتمالات الأداء المخيب للآمال في المقبل.

ويرى صندوق النقد استمرار اتساع فجوة النمو بين الولايات المتحدة من جانب وبين أوروبا واليابان من جهة أخرى كما يزداد عدم توازن النمو بين اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية.

ويرجع التقرير هذه التغييرات إلى ارتفاع أسعار النفط وصعود عوائد سندات الخزانة الأمريكية إضافة إلى التحولات في أعقاب تصاعد التوترات التجارية وحالة عدم اليقين المحلي بشأن الأوضاع السياسية.

ويتوقع صندوق النقد حدوث تشديد الأوضاع المالية بشكل تدريجي مع زيادة معدلات التضخم وقوة سوق العمل بالأسواق المتقدمة ومن أجل مواجهة ضغوط التضخم وأسعار الصرف بالاقتصادات الناشئة.

تقديرات النمو الاقتصادي

ويوضح التقرير أنه من المتوقع استمرار النمو بوتيرة أعلى من مستوى الاتجاه العام في الاقتصادات المتقدمة ليصل إلى 2.4% خلال العام الحالي قبل أن يتراجع إلى 2.2% في عام 2019.

وتعتبر تقديرات يوليو أقل بنحو 0.1% من التوقعات السابقة والصادرة في أبريل الماضي، وذلك بسبب تراجع النمو بأكثر من المتوقع في منطقة اليورو واليابان.

وثبت صندوق النقد تقديرات النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة عند 2.9% و2.7% في عامي 2018 و2019 على الترتيب، مع التنبؤ بزيادة زخم الاقتصاد بصفة مؤقتة على المدى القريب.

وعلى نطاق منطقة اليورو، فخفض الصندوق توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 2.2% هذا العام وهو ما يعتبر أقل بنحو 0.2% عن التقديرات السابقة.

أما على مستوى 2019، فمن المتوقع أن ينمو اقتصاد منطقة اليورو بنحو 1.9% في العام المقبل وهو أقل بنسبة 0.1% مقارنة مع توقعات أبريل.

كما خفض صندوق النقد من تقديرات النمو الاقتصادي في ألمانيا وفرنسا خلال العام الحالي بفضل تراجع النشاط مقارنة بالمستوى المتوقع بالربع الأول من العام.

وقلص كذلك الصندوق من تقديرات نمو اقتصاد إيطاليا هذا العام بفعل توقعات تأثر الطلب المحلي باتساع فروق عوائد السندات السيادية إضافة إلى تشديد الأوضاع المالية في أعقاب حالة عدم اليقين السياسي.

وقرر الصندوق تخفيض تقديرات نمو اقتصاد اليابان بنحو 0.2% ليسجل 1% في العام الجاري بعد الانكماش الذي حدث بالربع الأول من العام نتيجة ضعف الاستهلاك الخاص والاستثمار.

ورغم أن التقرير يبقي على توقعات نمو الاقتصادات الناشئة والنامية كما هي دون تغيير في العامين الحالي والمقبل عند 4.9% و5.1% على الترتيب لكنه يرى تيارات معاكسة خلال الأشهر الأخيرة.

ويفسر تقرير آفاق الاقتصاد العالمي التيارات المعاكسة بتصاعد أسعار النفط وزيادة عوائد سندات الخزانة بالولايات المتحدة إضافة إلى ارتفاع الدولار الأمريكي فضلاً عن التوترات التجارية والصراعات الجيوسياسية.

ويشدد التقرير على أن الآفاق المتوقعة لاقتصادات الأسواق الصاعدة والنامية تتباين حسب كيفية تفاعل العوامل العالمية مع نظيرتها المحلية تبعاً لأساسيات الاقتصاد وعدم اليقين السياسي.

ومن المرجح أن يستمر الأداء القوي في الاقتصادات الآسيوية الصاعدة والنامية ليصل النمو الاقتصادي إلى 6.5% خلال عامي 2018 و2019، وفقاً للتقرير.

في حين يتوقع تراجع نمو اقتصاد الصين لمستوى معتدل عند 6.6% و6.4% في العامين الحالي والمقبل على الترتيب مقارنة مع مستويات 2017 والبالغة 6.9%.

وفي المقابل يتوقع أن يتسارع نمو الناتج المحلي الإجمالي في الهند إلى 7.3% في العام الحالي و7.5% بعام 2019 مقابل 6.7% نمو في العام الماضي، وذلك مع انحسار الأثر السلبي لمبادرة تبادل العملة وتطبيق ضريبة السلع والخدمات.

لكن مع ذلك فإن تقديرات نمو اقتصاد الهند أقل بنحو 0.1% و0.3% في العامين الحالي والمقبل مقارنة بالتوقعات السابقة والصادرة في تقرير أبريل بسبب الآثار السلبية لارتفاع أسعار النفط على الطلب المحلي وتشديد السياسة النقدية بسرعة أكبر من المتوقع جراء ارتفاع توقعات التضخم.

ويوضح التقرير أنه من المتوقع هبوط معدلات نمو الاقتصاد في تركيا إلى 4.2% هذا العام مقارنة مع مستويات 2017 والبالغة 7.4%، مع تضرر الاقتصادات ذات العجز الخارجي الكبير من تشديد الأوضاع المالية.

مخاطر في الأفق

في الوقت الذي أبقى فيه صندوق النقد الدولي على رؤية نمو الاقتصاد العالمي دون تغييرات تذكر فإن من الملاحظ تفاقم ميزان المخاطر على المدى القصير مع ترجيح كفة التطورات السياسية وخاصة احتمالات تصاعد واستمرار النزاعات التجارية إضافة لتشديد الأوضاع المالية العالمية.

وتبرز التوترات المالية كأحد هذه المخاطر المحتملة بسبب إعادة تقييم الأسواق للأساسيات الاقتصادية والمخاطر القائمة بما في ذلك تغير التوقعات بشأن السياسة النقدية أو آثار احتدام التوترات التجارية والزيادات المفاجئة في علاوات المخاطر أو علاوات الاستثمار طويل الآجل وزيادة عدم اليقين السياسي.

ويؤكد التقرير أنه في حالة حدوث تدهور مفاجئ في درجة الإقبال على تحمل المخاطر يمكن أن يصبح خروج التدفقات الرأسمالية من الأسواق الناشئة أكثر سرعة وأوسع نطاقاً مع حدوث ارتفاع أكبر في قيمة الدولار الأمريكي.

ومن المحتمل أن تُشكل هذه التحولات ضغوطاً على الاقتصادات شديدة الاعتماد على الرافعة المالية أو التي تطبق أسعار صرف ثابتة أو تلك التي تعاني من مشاكل في موازنتها العمومية.

أما الخطر الآخر فيكمن بالتوترات التجارية، حيث من الممكن أن يؤثر تصاعد وتيرة هذه الخلافات سلباً على الاستثمار والتجارة إضافة إلى زيادة حالة عدم اليقين بشأن النطاق الذي سيطبق خلاله الإجراءات التجارية مع احتمالية إلحاق الضرر بأسعار السلع التجارية وبالتالي تخفيض الإنتاجية.

وخلال الأشهر القليلة الماضية، فرضت الولايات المتحدة رسوماً جمركية على مجموعة من الواردات ما حفز على اتخاذ إجراءات انتقامية من جانب شركائها التجاريين إلى جانب إعادة التفاوض على اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية "النافتا" وكذلك الترتيبات الاقتصادية بين المملكة المتحدة وبقية دول الاتحاد الأوروبي.

ويتمثل الخطر الثالث في العوامل غير الاقتصادية أيّ حالة عدم اليقين السياسي بما في ذلك الانتخابات أو عواقبها المباشرة كونها تزيد من احتمالية بطء تنفيذ الإصلاحات أو احتمالات إجراء تغييرات كبيرة بأهداف السياسة.

كما تفرض المخاطر الجيوسياسية والصراعات الداخلية عبئاً قوياً على الآفاق المتوقعة في عدة اقتصادات كما لا تزال دول كثيرة معرضة للتكاليف الاقتصادية والإنسانية الناجمة عن الظواهر الجوية والكوارث الطبيعية الأخرى.انتهى/س

المصدر: وكالات

اضف تعليق