في تطور دبلوماسي بارز يعكس تحوّلًا لافتًا في المشهد الإقليمي، نجحت سلطنة عُمان في التوسط بين الولايات المتحدة الأمريكية والحوثيين، ما أسفر عن إعلان وقف إطلاق النار بين الطرفين، وسط ترحيب إقليمي ودولي واسع، وآمال بأن تكون هذه الهدنة بوابة لاستقرار أطول أمداً في المنطقة المضطربة.
ويأمل مراقبون أن تمهّد هذه الهدنة الطريق أمام تحولات سياسية واقتصادية مهمة، تبدأ من ضمان حرية الملاحة في البحر الأحمر، ولا تنتهي عند تخفيف التوترات قبيل زيارة مرتقبة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط، وزيارة تشمل الإمارات والسعودية وقطر منتصف الشهر الجاري.
وقال السفير المصري الأسبق في اليمن، الدكتور يوسف الشرقاوي، إن وقف إطلاق النار يعكس "روحاً إيجابية" تسود حالياً بين واشنطن وطهران، مشيراً إلى أن نجاح الجولة الرابعة من المحادثات غير المباشرة بين البلدين – برعاية عمان – قد يعزز فرص بقاء هذه الهدنة لفترة أطول.
وأضاف، أن واشنطن قد تمارس ضغوطاً على إسرائيل لعدم شن ضربات جديدة على اليمن، لتجنب عرقلة مسار التهدئة.
ورحبت مصر من جانبها بالاتفاق، مؤكدة أن انعكاساته ستظهر بشكل خاص في ضمان حرية الملاحة في البحر الأحمر، وهو ما أكدت عليه أيضاً وزارة الخارجية العمانية في بيانها الرسمي، الذي أشار إلى أن أياً من الطرفين – الولايات المتحدة أو الحوثيين – "لن يستهدف الآخر، بما في ذلك السفن الأميركية في البحر الأحمر وباب المندب".
وأوضحت مسقط، أن هذا التفاهم جاء بعد "مناقشات واتصالات مكثفة" مع الجانبين بهدف خفض التصعيد وضمان انسيابية حركة الشحن التجاري الدولي، مؤكدة شكرها للطرفين على "نهجهما البنّاء" الذي أثمر هذه النتيجة.
من جهتها، وصفت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين لفيت، الاتفاق بـ"الانتصار الكبير"، مشيرة إلى أن الرئيس ترامب أوفى بوعده في "استعادة حرية الملاحة في البحر الأحمر". وأضافت: "العالم الآن أكثر أماناً بقيادة ترامب"، في إشارة إلى السياسة الحازمة التي اتبعتها واشنطن مؤخراً.
ورغم الأجواء الإيجابية، يرى مراقبون أن الهدنة لا تزال رهينة التزام الطرفين، وأن استمرارها يتوقف على استقرار المعادلة الإقليمية، ولا سيما في ظل تصاعد الأزمة في غزة، والتي قد تستغلها جماعة الحوثي كذريعة لاستئناف الهجمات.
وأكد الشرقاوي، أن "وقف الإبادة في غزة بات ضرورياً الآن أكثر من أي وقت مضى، لئلا تستغل الجماعات المسلحة ذلك لتبرير أي تصعيد جديد".
م.ال
اضف تعليق