وكالة النبأ/ متابعة

بعد نحو سبع سنوات من تشكيل فريق التحقيق التابع للأمم المتحدة لمساعدة العراق في الكشف عن الجرائم المرتكبة من قبل داعش، انتهت مهمة (يونيتاد) بعد توتر علاقتها مع الحكومة العراقية.

بأنهاء عمل بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق على التحقيق في اتهامات لتنظيم "داعش" بارتكاب إبادة جماعية وجرائم حرب، قبل استكمال التحقيقات، يتبادر الى الاذهان لماذا أنهت البعثة عملها الآن؟.

تأسس فريق التحقيق بموجب قرار مجلس الأمن رقم 2379 لسنة 2017 وكان الهدف منه "تعزيز جهود المساءلة عن جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب المرتكبة من جانب تنظيم داعش"، بحسب ما ورد على موقع يونيتاد.

قالت وكالة رويترز في وقت سابق يوم الأربعاء، إن الفريق الأممي اضطر إلى إنهاء عمله مبكرا قبل استكمال التحقيقات بعد توتر علاقته مع الحكومة العراقية.

وقال رئيس الفريق كريستيان ريتشر، في مقابلة مع رويترز  عن الحاجة للمزيد من الوقت، "إذا حددنا موعدا نهائيا في سبتمبر 2024، فلن نكون قد أكملنا سير التحقيقات" ولا مشروعات أخرى مثل عمل أرشيف مركزي لملايين الأدلة.

ريتشر شدد أن "يونيتاد" تشكل لمساعدة العراق على محاسبة أعضاء تنظيم داعش على الجرائم الدولية والإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، لكن العراق لم يصدر تشريعا يسمح بحدوث ذلك داخل البلاد مما يترك فريق التحقيق "في حالة ترقب".

بالمقابل قال فرهاد علاء الدين مستشار رئيس الوزراء للعلاقات الخارجية لرويترز إنه لم تعد هناك حاجة لفريق التحقيق من وجهة نظر بغداد، وإنه لم يتعاون بنجاح مع السلطات العراقية.

وأضاف "من وجهة نظرنا، انتهت مهمة البعثة ونقدر ما أنجزته من عمل، وحان وقت المضي قدما"، وأوضح أن البعثة "لم ترد على طلبات متكررة لمشاركة الأدلة" ويتعين عليها القيام بذلك الآن قبل إنهاء عملها.

يقول منتقدو قرار العراق إنهاء عمل البعثة إن ذلك سيعيق الجهود الرامية إلى محاسبة المزيد من أعضاء تنظيم داعش بعد أن ساهم فريق يونيتاد في الوصول إلى ثلاث إدانات على الأقل بتهم ارتكاب إبادة جماعية وجرائم دولية أخرى في ألمانيا والبرتغال.

ويقولون أيضا إن ذلك يلقي بظلال من الشك على مدى التزام العراق بمحاسبة أعضاء التنظيم على مثل هذه الجرائم في الداخل، في وقت أصبحت فيه الغالبية العظمى من الإدانات في العراق تتعلق فقط بتهمة الانضمام إلى منظمة إرهابية وليس بارتكاب جرائم محددة مثل الاعتداء الجنسي أو الاستعباد.

ومع ذلك يرى مختصون أن فريق يونيتاد تمكن من إنجاز عمل مهم، لكن خروجه لا يعني بالضرورة أن الإنجازات التي تحققت ستذهب سدى.

يقول رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق فاضل الغراوي إن "الهدف الأساسي من عمل الفريق كان مرحليا، يتضمن جمع وتوثيق وخزن الأدلة فقط".

ويضيف الغراوي في حديث لموقع "الحرة" أن عمل الفريق "كان فيه توقيتات محددة بموجب قرار مجلس الأمن".

"الأدلة"

"العام الماضي جرى طلب تسليم الأدلة وأن يكون هناك تمديد أخير، لم تسلم الأدلة مما اضطر الحكومة العراقية وبعد مناقشات مع مجلس الأمن، إلى طلب عرض موضوع التمديد للتصويت، وبالفعل تم الاتفاق على إنهاء مهمة الفريق"، وفقا للغراوي.

يؤكد الغراوي، وهو عضو سابق في مفوضية حقوق الإنسان، أن "الحكومة العراقية ترى أنه تم جمع ملايين الأدلة، لكن عدم الاستفادة منها للمضي قدما في محاكمة المتهمين وإنصاف الضحايا أخذ وقتا طويلا".

ويتابع أنه "منذ عام 2017 ولحد الآن لم تستلم بغداد ولا دليل".

ذكرت ستة مصادر مطلعة على عمل البعثة لرويترز أن فريق التحقيق كان مترددا في مشاركة الأدلة التي جمعها مع السلطات العراقية بسبب استخدامها لعقوبة الإعدام التي تتعارض مع سياسة الأمم المتحدة.

وقال ريتشر أنه كان من الممكن تقديم ضمانات وتأكيدات بشأن عقوبة الإعدام، لكن لم يتم مناقشة ذلك الأمر بعد مع السلطات العراقية لأن النقاش الأساسي كان يدور حول الحاجة إلى تشريع يتعلق بالجرائم الدولية.

ووضعت هذه العوامل فريق التحقيق في موقف صعب لجمع الأدلة، التي تشمل شهادات مئات الشهود في العراق، والتي استخدمها بشكل أساسي في العمليات القانونية بالخارج في تفاوت استمر لسنوات.

وقال دبلوماسي دولي كبير إن "عقوبة الإعدام كانت دائما مشكلة رئيسية مع يونيتاد. كانت مهمتها بعيدة المنال لكن كثيرين كانوا يأملون في نجاحها" مشيرا إلى التفاوت بين الأهداف والتوقعات.

قال متحدث باسم يونيتاد إن الأمر كان واضحا تماما للبعثة من البداية بأنها موجودة بناء على طلب العراق، وكانت مقتنعة دائما بأن القضاء العراقي هو شريكها الرئيسي.

وأشار المتحدث إلى قيام يونيتاد بعمل ملفات دعاوى مشتركة مع السلطة القضائية العراقية لإجراء محاكمات في الخارج، بالإضافة إلى بناء قدرات القضاة والتعاون في استخراج الجثث من 70 مقبرة جماعية وتكريم ضحايا التنظيم المتشدد بدفنهم.

ويرى الغراوي أن "المجتمع الدولي لديه تحفظات على عقوبة الإعدام، بينما العراق يعتقد عكس ذلك، لان البلد لا يزال يعاني من الإرهاب وهناك جرائم إبادة جماعية وضد الإنسانية".

ويتابع الغراوي: "نحن نقول إنه يمكن إلغاء العقوبة بالتدريج بعد محاكمة الأشخاص الذين نفذوا الجرائم، ومن ثم نتدرج في تعديل عقوبات الإعدام وصولا إلى إنهائها".

وفيما يتعلق بالمخاوف التي يبديها العديد من ضحايا تنظيم داعش ممن لا يثقون في الحكومة العراقية ويرون أن إنهاء عمل البعثة بمثابة ضربة له، يقول الغراوي إن "إنهاء مهمة الفريق لن يمنع من استمرار الأجهزة المعنية المحلية في جمع الأدلة وتوثيقها وتقديمها للقضاء".

وقال رئيس فريق التحقيق التابع للأمم المتحدة لتعزيز المساءلة عن الجرائم المرتكبة من جانب داعش (يونيتاد) "هل تم إنجاز العمل؟ ليس بعد، وهذا واضح تماما".

وأضاف كريستيان ريتشر "نحتاج إلى مزيد من الوقت… وإذا حددنا موعدا نهائيا في سبتمبر 2024، فلن نكون قد أكملنا سير التحقيقات" ولا مشروعات أخرى مثل عمل أرشيف مركزي لملايين الأدلة.

وكان قد جدد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في أيلول التفويض لمدة عام واحد فقط بناء على طلب العراق.

"من الممكن في أي لحظة أن يطلب العراق من مجلس الأمن إعادة تشكيل الفريق فيما لو كانت هناك حاجة لذلك"، يختتم الغراوي.

ع. ش

اضف تعليق