في وقت أصبح فيه الهاتف الذكي جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية، ووسيلة لا يستغني عنها الملايين في العالم، بدأت ملامح تحول جذري تلوح في الأفق، مع تصاعد التساؤلات في أوساط المتخصصين: هل باتت أيام الهاتف الذكي معدودة؟ وهل نشهد قريبًا عصر ما بعد الهاتف؟
هذه الأسئلة لم تعد محض خيال علمي، بل تحولت إلى سيناريو واقعي تدرسه كبرى شركات التكنولوجيا العالمية، وسط مؤشرات قوية على أن بدائل الهاتف التقليدي قد تكون أقرب مما نتصور.
من بين أبرز الشركات التي تخطط للتخلي التدريجي عن مفهوم الهاتف الذكي التقليدي، تتصدر Apple وGoogle وMeta المشهد، إذ تعمل هذه الشركات على تطوير أجهزة وتقنيات تفتح الباب أمام تفاعل جديد كليًا مع العالم الرقمي.
وبحسب تسريبات نشرها حساب “Apple Club” المتخصص، فإن شركة Apple تستعد لإطلاق أول نظارات ذكية لها بحلول عام 2026.
ووفقًا للمصادر، ستتيح النظارات وظائف متقدمة تشمل الترجمة الفورية، التنقل عبر GPS، التصوير بالفيديو وتشغيل الوسائط، وكل ذلك من دون الحاجة إلى لمس شاشة أو استخدام هاتف.
أما شركة Meta فتستثمر بشكل متزايد في مجال النظارات الذكية المتكاملة مع الواقع المعزز، ضمن رؤيتها لبناء عالم "الميتافيرس" – البيئة الافتراضية التفاعلية التي يمكن للمستخدم أن يعيش ويتفاعل فيها دون الحاجة لأي جهاز محمول.
رغم الحضور الطاغي للهاتف الذكي في حياتنا اليوم، فإن التاريخ التقني يعج بأمثلة لأجهزة كانت تعتبر لا غنى عنها، مثل الهواتف الأرضية وأجهزة "البيجر" والكاميرات الرقمية، والتي تلاشت تدريجيًا مع ظهور بدائل أكثر تطورًا.
ما يميز التحول المحتمل هذه المرة هو أنه لا يقتصر على استبدال جهاز بآخر، بل يعتمد على تغيير جذري في طريقة التفاعل مع التكنولوجيا، من خلال أوامر صوتية، وواجهات تعتمد على الواقع المعزز، ومساعدين رقميين مدعومين بالذكاء الاصطناعي.
رغم التفاؤل بشأن مستقبل "ما بعد الهاتف"، يواجه هذا التوجه تحديات عدة، أبرزها المخاوف المتعلقة بالخصوصية، ومدى استعداد المستخدمين لوضع أجهزة على وجوههم لفترات طويلة، إضافة إلى التكلفة المرتفعة المحتملة لهذه الابتكارات في مراحلها الأولى.
كما أن تقبل هذه التحولات قد يختلف من مجتمع إلى آخر، وفقًا لعوامل ثقافية واقتصادية، وأيضًا تبعًا لتفاوت البنية التحتية التقنية بين الدول.
يبقى الذكاء الاصطناعي هو العامل الحاسم في هذا التحول، إذ باتت تطبيقات الذكاء الاصطناعي تقدم تجربة استخدام سلسة تحاكي أو تتفوق على ما كان يؤديه المستخدم يدويًا على الهاتف الذكي، سواء في البحث، التصوير، أو التفاعل مع الأنظمة والخدمات الرقمية. هذا التطور يضع الهواتف الذكية تحت تهديد متزايد، ويفتح الباب على مصراعيه لحقبة جديدة من التفاعل التقني قد تعيد تشكيل علاقتنا اليومية بالتكنولوجيا.
م.ال
اضف تعليق