كشف فريق من الباحثين الألمان عن تطوير سبيكة شبه موصلة جديدة تجمع للمرة الأولى بين أربعة عناصر من المجموعة الرابعة في الجدول الدوري، هي: الكربون (C)، السيليكون (Si)، الجرمانيوم (Ge)، والقصدير (Sn)، في خطوة قد تعيد رسم مستقبل صناعة الإلكترونيات والأنظمة الكمومية.
وجرت الدراسة في إطار تعاون مشترك بين مركز "يوليش" للأبحاث (FZJ) ومعهد "لايبنتس" للإلكترونيات الدقيقة، فيما نُشرت نتائجها في مجلة Advanced Materials العلمية المتخصصة.
وتُعرف المادة الجديدة مؤقتًا باسم CSiGeSn، وتتميز بقدرتها على الاندماج بسهولة في خطوط الإنتاج الحالية للرقاقات الإلكترونية، إلى جانب تقديمها خصائص إلكترونية وبصرية محسنة تتيح تصميم ليزرات تعمل بكفاءة في درجات حرارة الغرفة – ما يعني تقليلًا كبيرًا في كلفة التصنيع وتعقيداته.
وقال الدكتور دان بوكا، أحد المؤلفين الرئيسيين للدراسة: "بدمج هذه العناصر الأربعة، حققنا أخيرًا هدفًا ظل بعيد المنال لعقود، وهو الحصول على مادة شبه موصلة من عناصر المجموعة الرابعة بالكامل".
ويُعد السيليكون حتى اليوم العمود الفقري لصناعة الرقاقات، لكنه يواجه تحديات تقنية متزايدة، لاسيما في التطبيقات الضوئية والكمومية، حيث يُعاني من محدودية في التعامل مع الفوتونيات.
ومن المتوقع أن تكون CSiGeSn بديلًا واعدًا، بفضل قدرتها على معالجة الضوء والكهرباء بكفاءة عالية.
وبحسب الباحثين، تفتح هذه السبيكة الباب أمام استخدامات متعددة، من بينها:
- دمج الليزرات والمكونات الضوئية مباشرة في الرقاقات الإلكترونية؛
- تطوير معالجات كمومية أكثر كفاءة؛
- تحويل الحرارة إلى طاقة كهربائية في الأجهزة الصغيرة؛
- استبدال السيليكون في الأنظمة الإلكترونية المتقدمة.
ويُشار إلى أن دمج الكربون في هذا النوع من المواد كان يُعد شبه مستحيل سابقًا بسبب حجمه الذري الصغير وسلوكه البنيوي الفريد.
ومع ذلك، نجح الباحثون في تجاوز هذه العقبة، ما مكنهم من ضبط ما يُعرف بـ"عتبة الطاقة" بدقة عالية – وهي خاصية حاسمة تحدد مدى توصيل المادة للتيار الكهربائي أو قابليتها لإصدار الضوء.
ويرى المتخصصون أن هذا الابتكار قد يمثل نقطة تحوّل في تطوير الإلكترونيات المتقدمة، لاسيما في الحوسبة الكمومية وتقنيات الطاقة المتجددة، دون الحاجة إلى تغيير البنية التحتية الصناعية القائمة.
م.ال
اضف تعليق