في لحظة فارقة من تاريخ الأمن المائي في الشرق الأوسط، احتضنت بغداد، اليوم السبت، فعاليات مؤتمر بغداد الدولي الخامس للمياه، في ظل تحديات غير مسبوقة تواجه العراق والمنطقة، نتيجة التغيرات المناخية وتقلص تدفقات المياه من دول الجوار.
المؤتمر، الذي جاء هذا العام تحت شعار "المياه والتكنولوجيا... شراكة من أجل التنمية"، شهد حضوراً دولياً نوعياً ضم رؤساء بعثات، ووزراء، وممثلي منظمات دولية وشركات متخصصة، في تجمّع نُظر إليه بوصفه منصة إقليمية لإطلاق حلول استثنائية، على رأسها المبادرة الإقليمية لحماية نهري دجلة والفرات، التي أعلن عنها رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني.
مبادرة إقليمية لحماية الحياة
السوداني، وفي كلمته خلال رعايته للمؤتمر، أعلن أن المبادرة الإقليمية "مياهنا... مستقبلنا"، تمثل خارطة طريق استراتيجية لحماية النهرين الخالدين من التدهور، وضمان جريانهما المستدام. وقال إن المبادرة "تؤسس لفهم جماعي للأدوار والمسؤوليات، وتضع قواعد للمنفعة المشتركة بين الدول المتشاطئة".
وأكد السوداني، أن الحكومة العراقية تبنت خلال العامين الماضيين حلولاً تكنولوجية متقدمة لمواجهة تراجع الموارد المائية، شملت تقنيات الري الحديث، والأتمتة في إدارة الخزن والسدود، وتحلية المياه، ومعالجة الصرف الصحي، مشدداً على أن "الأمن المائي قضية بقاء، لا تحتمل التأجيل".
من جانبه، أكد وزير الموارد المائية عون ذياب أن العراق، رغم كونه من بين أكثر الدول تضرراً من الشح المائي والتغير المناخي، وضع خطة استراتيجية طموحة لحماية موارده المائية.
ووجه ذياب نداءً إلى الدول المتشاطئة، داعياً إياها للتعامل بروح "الأخوة والمسؤولية المشتركة"، لتحقيق الأمن المائي والتنمية المستدامة على المستوى الإقليمي.
رئاسة الجمهورية: المياه قضية وطنية
أما رئيس الجمهورية عبد اللطيف جمال رشيد، فاعتبر على لسان مستشاره محمد أمين فارس أن أزمة المياه تحوّلت إلى "قضية وطنية" تتطلب تحركاً سريعاً، داعياً إلى اعتماد استراتيجيات علمية وواقعية، والتفاهم مع دول المنبع – خصوصاً تركيا – في إطار سياسة عراقية شاملة.
ومن بين أبرز المخرجات، استضافة بغداد لأول مرة النسخة الحادية عشرة من مؤتمر الري الدقيق، ما اعتُبر فرصة استراتيجية لزج الذكاء الاصطناعي في إدارة المياه.
وأكد رئيس الوزراء أن "الشراكة المسؤولة على المستويين الوطني والدولي" هي المفتاح للحلول المستدامة، وتجاوز آثار التغير المناخي.
المؤتمر مثل لحظة عراقية فارقة، رفعت فيها بغداد صوتها للدفاع عن حقها التاريخي والمائي، في مواجهة شحّ لا يهدد الزراعة فقط، بل الحياة نفسها.
موقف دولي داعم وتأكيد على حق الفلسطينيين
وأعرب ماركو أرسيري، رئيس اللجنة الدولية للري والبزل، عن دعمه لجهود الحكومة العراقية في الحفاظ على الأمن المائي والغذائي، مؤكداً أن "بغداد يمكن أن تصبح رائدة في المنطقة في مجالي الأمن الغذائي والتكنولوجيا المائية"، في حال استُثمرت التقنيات الحديثة بشكل فعال.
وفي السياق ذاته، أكد وزير الري والموارد المائية المصري هاني سويلم أهمية تعزيز التعاون العربي لمجابهة ندرة المياه، مشيراً إلى أن 60% من مصادر المياه في الدول العربية تأتي من خارج حدودها، وهو ما يهدد الأمن المائي والتنمية.
وحذر سويلم من استخدام المياه كأداة ضغط سياسي، مجدداً رفض مصر للاعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزة التي دمرت البنية التحتية لمصادر المياه وعرّضت حياة ملايين الفلسطينيين للخطر.
م.ال
اضف تعليق