أثار الرئيس الأميركي دونالد ترامب عاصفة من المخاوف الاقتصادية بعد تهديده بفرض رسوم جمركية تصل إلى 50% على جميع الواردات القادمة من الاتحاد الأوروبي، في خطوة وصفتها صحيفة نيويورك تايمز بأنها قد تحمل "تداعيات اقتصادية وخيمة" على الولايات المتحدة وأوروبا والعالم أجمع.

ونقلت الصحيفة عن أجاث ديماريس، الباحثة البارزة في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، قولها: "لم يكن أحد يتوقع هذا... ليس لدينا أدنى فكرة عمّا يعنيه ذلك حقاً. لكن ما نعلمه أن النتائج ستكون خطيرة للغاية".

بدورها، وصفت الخبيرة ماري لوفلي من جامعة سيراكيوز تهديدات ترامب بأنها تضعف الثقة الاستثمارية في السوق الأميركي، مؤكدة أن حالة عدم اليقين المتزايدة تدفع الشركات لإعادة تقييم مخاطر الاستثمار في الولايات المتحدة.

وحذّر كارستن برزيسكي، كبير اقتصاديي منطقة اليورو في بنك "ING"، من أن الرسوم المرتفعة قد تخلق مزيجاً مقلقاً من ارتفاع التضخم وتباطؤ النمو داخل الولايات المتحدة، فيما قد تدفع أوروبا إلى ركود اقتصادي مباشر.

وفي السياق ذاته، قدّر جوليان هينز من معهد كيل للاقتصاد العالمي، أن "النمو الاقتصادي الأميركي قد ينخفض بمعدل 1.5% في حال تنفيذ تلك الخطوة".

أما نيل شيرينج، كبير الاقتصاديين في مؤسسة "كابيتال إيكونوميكس"، فأشار إلى، أن تقلبات السياسة الجمركية وتضخم العجز الأميركي وعدم وضوح الرؤية الاستراتيجية تُزعزع استقرار الأسواق المالية، معتبراً أن "الضوابط المؤسسية بدأت تنهار".

وتسود حالة من الترقب في أوروبا، حيث أكد مسؤولون أوروبيون إعداد حزمة من التدابير المضادة لمواجهة القرار الأميركي المحتمل.

وتشمل هذه التدابير رسوماً جمركية على السيارات، والمواد الغذائية، وقطاع الخدمات الأميركي، الذي يمثل نقطة ضعف حساسة بالنظر إلى هيمنة الولايات المتحدة في مجالات مثل التكنولوجيا والتمويل والسفر.

وأكد الخبير موريس أوبستفيلد، الزميل البارز في معهد بيترسون، أن الاتحاد الأوروبي قد ينجح في ردع واشنطن كما فعلت الصين سابقاً، وقال: "إذا ردت أوروبا بقوة، ستتوتر الأسواق، وسيتراجع ترامب... الأوروبيون بدأوا يفهمون هذه اللعبة".

وبحسب تقديرات "كابيتال إيكونوميكس"، فإن الاقتصاد الأوروبي سيواجه تراجعاً متفاوتاً في حال تنفيذ الرسوم الأميركية:

  • إيرلندا: انخفاض بنسبة 4% في الناتج المحلي الإجمالي
  • ألمانيا: 1.5%
  • إيطاليا: 1.2%
  • فرنسا: 0.75%
  • إسبانيا: 0.50%

ويشير عدد من المحللين إلى أن ترامب يتبع نهجاً متقلباً في السياسات الاقتصادية، ويبدّل مواقفه وفقاً لتقلبات السوق أو آراء مستشاريه. يقول الخبير السياسي مارك بلايث: "بعض هذه التهديدات يبدو أنها تأتي من آخر شخص تحدث مع الرئيس".

ويضيف بلايث: "من المثير للسخرية أن ترامب يتهم أوروبا بسرقة أميركا، رغم أن اقتصاد الاتحاد الأوروبي أصبح أصغر بمقدار الثلث مقارنة بالولايات المتحدة منذ عام 2008. فكيف تخدع من هو أغنى منك؟".

وفي ظل هذه التطورات، يجد العالم نفسه مجدداً أمام اختبار لعلاقات التجارة الدولية، حيث يتصادم شعار "أميركا أولاً" مع استقرار النظام الاقتصادي العالمي.

فهل يرضخ الاتحاد الأوروبي؟ أم يدخل في مواجهة اقتصادية قد تعيد رسم خرائط النفوذ والنمو لعقود قادمة؟

يبقى الأول من يونيو – موعد تهديد ترامب بتنفيذ القرار – محطة مفصلية في هذا الصراع المحتدم.


م.ال

اضف تعليق