بعد أكثر من سبعين عاماً من الملاحظات الطبية الغامضة والتشخيصات المربكة، اعترفت الأوساط الطبية العالمية رسميًا بنوع جديد من مرض السكري تحت مسمى "السكري من النوع الخامس"، في خطوة وصفت بأنها تحول جذري في فهم هذا المرض واسع الانتشار وأساليبه العلاجية.

ويُقدر أن هذا النوع يصيب ما بين 20 إلى 25 مليون شخص حول العالم، أغلبهم في مناطق آسيا وإفريقيا، ما يسلط الضوء على ارتباطه بالعوامل البيئية وسوء التغذية المزمن.

تعود أولى الملاحظات حول هذا النوع إلى الطبيب البريطاني فيليب هيو-جونز في خمسينيات القرن الماضي، حين لاحظ في جامايكا وجود مرضى لا تنطبق عليهم خصائص النوعين الأول أو الثاني من السكري، فأطلق على حالتهم حينها اسم "النوع J" نسبة إلى جامايكا.

غير أن هذا التصنيف طُوي في النسيان لعقود، قبل أن يُعاد اكتشافه مؤخرًا عبر دراسة واسعة في إفريقيا.

الدراسة التي حملت عنوان "بداية السكري في سن الشباب في إفريقيا جنوب الصحراء" (YODA) ونُشرت في مجلة لانسيت، كشفت أن عدداً كبيراً من الشباب المصابين بالسكري في دول مثل الكاميرون وأوغندا وجنوب إفريقيا لا تتوافر لديهم المؤشرات المناعية المميزة للنوع الأول، كما أن مستويات الإنسولين لديهم أقل من المعدلات المعتادة في النوع الثاني.

ويُظهر هذا النوع خصائص مميزة، إذ يرتبط بسوء التغذية المزمن في الطفولة المبكرة، ما يؤدي إلى ضعف دائم في خلايا البنكرياس المنتجة للإنسولين، بخلاف النوع الأول الذي ينتج عن اضطراب مناعي، أو النوع الثاني المرتبط بمقاومة الإنسولين.

ويحذر الأطباء من أن العلاج بالإنسولين التقليدي قد يكون خطراً على المصابين بالنوع الخامس إذا لم يترافق مع تغذية كافية، وهو ما يجعل التعامل معه تحدياً في المناطق الفقيرة التي تنتشر فيها هذه الحالات.

ويرى مختصون أن الاعتراف الرسمي بهذا النوع الجديد يمثل نقطة تحول في الطب الوقائي والعلاجي، إذ سيسمح بتوجيه تمويلات بحثية جديدة، ووضع بروتوكولات علاجية دقيقة تتناسب مع خصوصية هذا الشكل من المرض، بعد أن ظل لعقود يُشخّص خطأ كنوع أول أو ثانٍ.

ويؤكد الباحثون أن الخطوة المقبلة تتمثل في تعزيز برامج الكشف المبكر والتغذية الوقائية، لتقليل تأثيرات المرض وتحسين فرص العلاج، خصوصاً في المناطق الأكثر عرضة في إفريقيا وآسيا.

م.ال

اضف تعليق