تقرير – وكالة النبأ أكد رئيس مجلس القضاء الأعلى، القاضي الدكتور فائق زيدان، أن التداول السلمي للسلطة عبر صناديق الاقتراع كل أربع سنوات، وفقاً للآليات التي رسمها الدستور، يمثل أحد أبرز الإنجازات التي تحققت للعراق بعد عام 2003، مشدداً على ضرورة احترام التوقيتات الدستورية لتشكيل السلطتين التشريعية والتنفيذية، لضمان استقرار النظام الديمقراطي وسيادة القانون.

وأوضح زيدان، في مقال تحليلي، أن النظام السياسي في العراق "جمهوري نيابي" وفق المادة الأولى من الدستور، مما يجعل مجلس النواب بمثابة "الأم" التي تنبثق منها الحكومة التي تمثل السلطة التنفيذية، مشيراً إلى أن أعضاء المجلس يُنتخبون بالاقتراع السري المباشر طبقاً للمادة (49) من الدستور.

وبيّن أن الدستور، إلى جانب قانون المفوضية العليا المستقلة للانتخابات رقم (31) لسنة 2019 المعدل، وضعا أسساً واضحة لتنظيم العملية الانتخابية بما يضمن انتقال السلطة بصورة دستورية وديمقراطية، تكفل احترام إرادة الشعب وتحقيق الاستقرار السياسي.

وقال زيدان، إن المادة (56/ثانياً) من الدستور نصت على أن تُجرى انتخابات مجلس النواب الجديد قبل 45 يوماً من انتهاء الدورة النيابية القائمة، مبيناً أن الدورة الحالية التي بدأت في 9 كانون الثاني 2022 وتنتهي بعد أربع سنوات، تستوجب إجراء الانتخابات في موعد أقصاه 24 تشرين الثاني 2025. وأضاف، أن تحديد يوم 11 تشرين الثاني 2025 لإجراء الانتخابات "يمثل مخالفة صريحة"، لأنه لا يستند إلى أي نص دستوري أو قانوني.

وتناول رئيس مجلس القضاء الأعلى المدد القانونية اللاحقة لإعلان النتائج، مشيراً إلى أن المادة (20) من قانون المفوضية العليا المستقلة للانتخابات حددت مدة الطعن في النتائج بثلاثة أيام من تاريخ إعلانها، فيما تلتزم المفوضية خلال سبعة أيام بإعداد الإجابات ورفعها إلى الهيئة القضائية التي تبت فيها خلال عشرة أيام من تاريخ الإحالة.

وبعد المصادقة النهائية على النتائج من قبل المحكمة الاتحادية العليا استناداً للمادة (93/سابعاً) من الدستور، تقوم المفوضية بإشعار رئيس الجمهورية، الذي يدعو المجلس الجديد للانعقاد خلال 15 يوماً من تاريخ المصادقة.

وفي الجلسة الأولى التي يترأسها أكبر الأعضاء سناً، ينتخب رئيس مجلس النواب ونائباه وفق المادة (55)، على أن يُنتخب رئيس الجمهورية خلال 30 يوماً من تاريخ انعقاد المجلس بموجب المادة (72/أولاً/ب). ويُكلف رئيس الجمهورية بعدها مرشح الكتلة النيابية الأكثر عدداً بتشكيل الحكومة خلال 15 يوماً، ويمنح المكلف 30 يوماً لتقديم كابينته الوزارية لنيل الثقة من مجلس النواب، طبقاً للمادة (76) من الدستور.

وأوضح زيدان، أن مجموع هذه المدد يصل إلى نحو أربعة أشهر تقريباً لتشكيل الحكومة الجديدة بعد إعلان النتائج، إلا أن استخدام المشرّع لعبارة "خلال" في النصوص الدستورية يمنح مرونة في تقليص المدد الزمنية، متى ما توفرت الإرادة السياسية، دون انتظار انتهاء الحد الأقصى لكل مرحلة.

وأشار إلى، أن هذا التبسيط في الإجراءات من شأنه أن يجعل الحكومة الجديدة ترى النور في مطلع كانون الثاني 2026 بدلاً من آذار، إذا ما استُثمرت الأيام الأولى لكل مرحلة دستورية بدءاً من انعقاد البرلمان مروراً بانتخاب الرئاسات الثلاث وتشكيل الحكومة.

ونبّه زيدان إلى، أن التجارب السابقة أظهرت تكرار تجاوز المدد الدستورية المحددة لتسمية شاغلي المناصب الرئاسية الثلاث، وهو ما يُعد خرقاً واضحاً للدستور ومخالفة لمبدأ التداول الديمقراطي للسلطة. وأوضح، أن سبب استمرار هذا الخلل يعود إلى غياب الجزاء القانوني الذي يترتب على تلك التجاوزات، إذ لم يتضمن الدستور نصاً يحدد عواقب مخالفة المدد الدستورية.

ودعا القاضي فائق زيدان إلى، مراجعة وتعديل بعض النصوص الدستورية مستقبلاً، بما يضمن احترام التوقيتات المحددة لتشكيل السلطتين التشريعية والتنفيذية، ووضع جزاءات قانونية واضحة على مخالفتها، حفاظاً على استقرار النظام الديمقراطي، وتكريساً لمبدأ سيادة القانون والتداول السلمي للسلطة في العراق.

م.ال

اضف تعليق