بعد اختتام مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ "كوب 30" في بيليم البرازيلية، خرجت القمة باتفاق وُصف بأنه أقل من توقعات الدول الطامحة لخطوات حاسمة ضد الاحتباس الحراري، فيما بدا أن العالم يقف أمام مرحلة جديدة ومليئة بالتحديات عنوانها: ما بعد الوعود.

فبعد أسبوعين من المفاوضات الشاقة، انتهى المؤتمر بتسوية اعتبرها النقاد ضعيفة، بينما أكد الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن المناخ، سيمون ستيل، أن العالم دخل "عصر التنفيذ"، قائلاً: "من الآن فصاعداً، الأمر يتعلق بالعمل الجاد".

ويرى خبراء البيئة، أن الفشل الأبرز في "كوب 30" تمثل في غياب خريطة طريق واضحة للتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري، رغم دعم البرازيل وأكثر من 80 دولة، مقابل معارضة وُصفت بأنها "شرسة".

وقال مندوب بنما، خوان كارلوس مونتيري غوميز، إن المؤتمر كان فرصة ضائعة، مضيفاً: "العالم تراجع مرة أخرى.. العام المقبل سيكون أثقل على المجتمعات والأنظمة البيئية".

ورغم الإحباط، يؤشر ستيل إلى سبع نقاط في الاتفاق يمكن أن تدفع العمل المناخي قدماً، إلى جانب 117 بنداً في "أجندة العمل" الموجهة للشركات لتحويل التعهدات إلى مشاريع ملموسة.

وتتضمن الأجندة وعوداً بتعبئة تريليون دولار لتحديث شبكات الطاقة، وتوسيع إنتاج الوقود الحيوي، إضافة إلى خطط لإزالة الكربون الصناعي في الدول النامية.

كما يشمل الاتفاق تخصيص 5.5 مليارات دولار لحماية الغابات، وتمويلات إضافية لمشاريع التكيف الزراعي، فضلاً عن خطة كبرى لجمع تريليون دولار للطاقة المتجددة وتخزين الكهرباء.

ومن بين أبرز المبادرات التي حظيت بالاهتمام، إنشاء "مسرّع التنفيذ العالمي" الجديد، وهو آلية تطوعية تهدف إلى مساعدة الدول الراغبة في تجاوز التزاماتها الحالية عبر توفير التمويل وتوجيه الدعم إلى أكثر المناطق تضرراً.

ويرى خبراء، أن نجاح هذه الآلية قد يغيّر مسار توقعات الاحتباس الحراري.

ومع غياب التوافق داخل قمة بيليم، وعد رئيس المؤتمر أندريه كوريا دو لاغو بوضع خريطتي طريق تخصصان للتحول بعيداً عن الوقود الأحفوري ولوقف إزالة الغابات، لكنه أقر بأنهما لن تتمتعا بقوة الاتفاق الدولي.

كما أعلن عزمه تنظيم مؤتمر خاص للتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري في أبريل/نيسان المقبل، بالتعاون مع كولومبيا وهولندا.

لكن ما يعتبره الخبراء "الأزمة البنيوية" في مؤتمرات المناخ هو اشتراط الإجماع، ما يجعل النتائج غالباً "الأضعف الممكنة".

وأشار خبراء إلى، أن الدول النفطية مارست ضغوطاً مضادة غير مسبوقة لعرقلة أي نصوص ملزمة.

مع ذلك، يرى آخرون أن العمل المناخي لا يتوقف عند مخرجات المؤتمرات، وأن الزخم العالمي يتشكل أيضاً من المبادرات المستقلة.

فبرغم تراجع الدور الرسمي الأميركي في عهد الرئيس دونالد ترامب، يواصل مسؤولون محليون وشركات أميركية العمل لتحقيق أهداف خفض الانبعاثات.

ورغم هشاشة الاتفاقات، يبدي بعض الباحثين تفاؤلاً.

وتقول كاثرين هايوي، كبيرة العلماء في منظمة الحفاظ على الطبيعة: "صخرة العمل المناخي تتحرك في الاتجاه الصحيح. ملايين الأشخاص يدفعونها... وكلما زاد الدفع، تسارعت."


م.ال

اضف تعليق