أصدر ملتقى النبأ للحوار بحثا علميا جديدا بعنوان "تطبيق مبدأ اللامركزية الإدارية في المحافظات غير المنتظمة بإقليم وفقا لدستور جمهورية العراق لعام 2005 النافذ"، للدكتور حسان يونس عبدالله الطائي، الباحث في الشؤون القانونية والدستورية.
سلط البحث الضوء على أحد أبرز النظم الإدارية الحديثة التي تبناها العراق في ظل تحوله السياسي بعد عام 2003، وتحديدًا ما يتعلق بتوزيع السلطات بين الحكومة الاتحادية والمحافظات.
أكد الدكتور الطائي في مقدمة بحثه أن نظام اللامركزية الإدارية يُعد من أنجح الأساليب التنظيمية في الدول الموحدة، حيث يمنح الهيئات المحلية صلاحيات واسعة تحت إشراف الحكومة المركزية، بما يحقق التوازن بين المصالح الوطنية والمحلية.
وقد تبنى العراق هذا النهج ضمن المادة (113) من دستور 2005، تلاها صدور قانون المحافظات غير المنتظمة في إقليم رقم (21) لسنة 2008، الذي منح المحافظات صلاحيات تشريعية وإدارية ومالية، مع إبقاء الرقابة بيد البرلمان والقضاء.
ويتكون البحث من مبحثين رئيسيين:
الأول: مفاهيم أساسية حول مبدأ اللامركزية الإدارية.
الثاني: العلاقة بين الحكومة الاتحادية والمحافظات وفق القانون المذكور.
وفي خاتمة البحث، خلُص الدكتور الطائي إلى عدد من النتائج المهمة، أبرزها:
أولا: أن اللامركزية الإدارية تقوم على توزيع الوظائف الإدارية بين المركز والمحافظات، مع بقاء الرقابة المركزية شرطًا أساسيًا لضمان وحدة الدولة.
ثانيا: أن مجالس المحافظات تمتلك صلاحيات تشريعية فرعية وأخرى إدارية أصلية، مما يعزز من كفاءة الأداء المحلي.
ثالثا: أن غياب الرقابة المركزية المباشرة على مجالس المحافظات، كما ورد في المادة (122) من الدستور، يتعارض مع مفهوم اللامركزية الإدارية، ويقربها أكثر إلى اللامركزية السياسية، وهو ما يستدعي مراجعة تشريعية عاجلة.
رابعا: أن المجالس تخضع لرقابات متعددة تشمل البرلمان، الهيئات المستقلة، والقضاء، إلا أن الرقابة القضائية تبقى الأكثر حيادية ومهنية.
وفي ضوء ما توصل إليه، قدم الباحث عدة توصيات تشريعية من أبرزها:
أولا: تعديل المادة (2) أولا من قانون المحافظات لتأكيد أن مجلس المحافظة هو أعلى سلطة تنفيذية في حدود المحافظة.
ثانيا: تعديل المادة (7) ثالثا لتوسيع صلاحيات إصدار الأوامر والتعليمات المحلية.
تعديل الفقرة (خامسا) من المادة (122) من الدستور، بما يضمن خضوع المجالس المحلية لرقابة الحكومة المركزية.
ثالثا: تفعيل الرقابة البرلمانية بشكل جدي دون الخضوع للتوازنات السياسية بين الكتل.
واختتم الدكتور الطائي بحثه بالتأكيد على أن العلوم البشرية، رغم تطورها، تبقى محدودة أمام علم الله، داعيًا إلى توظيف المعرفة لخدمة الصالح العام، وتطوير النظام الإداري العراقي بما يتناسب مع التحديات الحالية والمرحلة القادمة.
يُذكر أن البحث صدر عن النبأ بوقت سابق بالتعاون مع كلية القانون-جامعة الكوفة في مؤتمر الاصلاح التشريعي ومكافحة الفساد والحكم الرشيد، ويواصل عبر إصداراته الأكاديمية تسليط الضوء على القضايا المفصلية في بناء الدولة العراقية، لا سيما في مجالات الإدارة والسياسة والقانون، دعما لجهود الإصلاح ومأسسة الحكم المحلي.
اضف تعليق