يواجه المواطن العراقي خلال الفترة الحالية جملة من الاغراءات المادية لتغيير فكره وتشتيته ذهنيا وهو ما تعمل عليه بعض الاطراف السياسية في سيناريو يكاد يتكرر في كل دورة انتخابية.

اذ شكى موظفين حكوميين من الضغوطات التي يمارسها بعض المرشحين الداخلين ضمن السباق الانتخابي ممن هم بمناصب حكومية عبر ارغامهم وتهديهم بفرض عقوبات معينة في حال عدم المشاركة في الترويج لهم والضغط عليهم بشكل غير مباشر لانتخابهم خاصة من المصنفين بـ"الاجور اليومية"، فيما طالب مراقبون مفوضية الانتخابات بمتابعة تلك الحالات عادين تلك الممارسات بانتهاك صريح لمبدأ الشفافية في الاختيار والانتخاب.

احدى العاملات بصفة اجر يومي رفضت الادلاء باسمها وتعمل ضمن دوائر وزارة التربية كشفت عن ضغوطات يمارسها مدير دائرتها بغية الترويج له والسعي لكسب اصوات من الزملاء والاقارب مع وعود بالتثبيت في العمل صنفتها تلك السيدة بـ"الوهمية" من اجل انتخابه والترويج الدعائي له".

وتقول السيدة ان مسؤولها في العمل "رشح ضمن احد القوائم الحزبية، طبع كارتات تعريفية لشخصه طالبنا ونحن مجموعة من ذوي الاجور اليومية بالترويج له مقابل وعود بالتثبيت في حال فوزه في الانتخابات".

واضافت "نحن مطالبين بتقرير يومي عن عدد الكارتات التي وزعت وما تم من ترويج له عبر الاصدقاء والاقارب وحتى الجيران، رغم رفضنا الغير علني فأننا ملزمين بتنفيذ تلك الاجراءات حفاظا على لقمة العيش".

وتعد الانتخابات التشريعية العراقية لعام 2018 هي ثاني انتخابات عراقية منذ الانسحاب الأمريكي من العراق عام 2012، ورابع انتخابات منذ الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، يحتدم فيها الصراع والتنافس لانتخاب 329 عضواً في مجلس النواب العراقي والذي بدوره ينتخب رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية، ويتنافس 6904 مرشحا، و25 تحالفا و63 كيانا انتخابيا، على 329 مقعداً ضمن الانتخابات البرلمانية المقرر اجراؤها في 12 ايار المقبل.

ويقول الخبير في شؤون الانتخابات سليم الربيعي ان "الترهيب او الترغيب باتت وسائل يستخدمها المرشحين للانتخابات بمشهد درامي يتكرر في كل جولة انتخابية وهذه الاساليب باتت ماركة مسجلة لكل المرشحين في الانتخابات للعالم العربي بشكل عام والعراق بشكل خاص".

واضاف "تلك الممارسات شأن معيب دوليا فأخبار الاستهزاء بتفكير الناخب العراقي وصل لكبريات الدول طالما يبنى على اساس المنفعة الوقتية، لتبقى انتخابات المقبلة مرحلة حاسمة في كشف مستوى تفكير الناخب بعيدا عن الاغراءات غير الشرعية".

وطالب البياتي المفوضية العليا للانتخابات بـ"زج فرق مراقبة تضمن كشف تلك الممارسات واحالة المرشحين الممارسين لتلك الاساليب للقضاء وحرمانهم من المشاركة".

من جهة اخرى كشف المرصد العراقي لحقوق الإنسان عن ممارسات حزبية خطيرة لكسب الأصوات الانتخابية، من خلال شراء البطاقات الانتخابية من المواطنين، وإطلاق الوعود وتقديم الهدايا، في عدد من المحافظات، لأجل كسب الأصوات، مطالباً بمحاسبة تلك الأحزاب وتطبيق القانون عليها.

وقال المرصد في تقرير نشره على موقعه الإلكتروني، إنّ "ممثّلي بعض الأحزاب السياسية في محافظة الأنبار يروّجون لعملية شراء بطاقات الناخب مقابل 100 دولار، في وقت تقوم فيه أحزاب أخرى بوعود إطلاق سراح المعتقلين من أبناء المحافظة".

وأضاف أنّ "مرشّحي بعض الأحزاب السياسية التي تعمل على الترويج لنفسها مع قرب الانتخابات يهينون الكرامة الإنسانية بتصرفاتهم ومحاولات شراء ذمم المواطنين"، داعياً مفوضية الانتخابات إلى "مراقبة سلوكيات المرشحين، وفرض عقوبات صارمة على الذين يسعون لشراء الذمم أو يقومون بحملات توزيع مساعدات أقل ما يقال عنها إنها تهين كرامة الإنسان".

وأكد أنه "كثرت في المحافظات المحررة محاولات شراء بطاقات الناخب أو أخذ وعود من الناخبين بتعهدات ورقية لانتخاب بعض الأحزاب مقابل 100 دولار، ويقوم بهذه المهمة بعض الفرق الجوالة التابعة للأحزاب السياسية هناك"، مشيرا إلى أنّ "الحال في محافظة صلاح الدين لا يختلف عن الأنبار، لكنّ هذه المرة في مخيمات النازحين التي يزورها عدد من المرشحين بشكل مستمر، وهم يوزعون المواد الغذائية البسيطة، بطرق مهينة، على النازحين".

وأشار إلى أنّ "نظام الحملات الانتخابية رقم 11 لسنة 2018 الذي وضعته المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، يجب أن يكون ملزماً للجميع، وألا تتنافس سلوكيات المرشحين مع ما جاء فيه".

وتابع المرصد العراقي أنّ "محافظات وسط وجنوب العراق ما زالت تطلب الوعود من قبل المرشحين بتوزيع قطع أراضٍ، وتوفير وظائف حكومية، بينما يوزّع بعضهم بطاقات شحن الهواتف النقالة، أو بعض الملابس الرياضية على فرق شبابية"، مؤكداً أنّ "مرشحي بعض الأحزاب في الموصل، وتحديداً تلك التابعة لقيادات سياسية في المدينة، بدأت في الأيام الأخيرة بزيارة جرحى حرب الموصل، وتقديم وعود لهم بالعلاج، بعد انتهاء الانتخابات".

وأكد أنّ "الممارسات التي رصدت خالفت المادة 12 والمادة 15 من نظام الحملات الانتخابية، رقم 11 لسنة 2018، التي تنصّ على حظر ممارسة أي شكل من أشكال الضغط أو الإكراه أو الوعود لأجل التأثير على نتائج الانتخابات".

وشدّد على أنّ "الممارسات المرصودة تهين كرامة الإنسان وتنتهك حقه في الانتخابات، وتسيء أيضاً إلى شفافية العملية الانتخابية في البلاد". انتهى/خ.

اضف تعليق