بغداد/ سوزان الشمري

لم تجد أم صفا سبيل لتراجع ابنتها صفا دراسيا غير تركها لمقاعد الدراسة هذا العام مرغمة. اذ تقطعت السبل بهذا الأم المغلوب على أمرها في متابعة أبنتها الوحيدة دراسيا فهي لا تجيد تدريسها المنهج الدراسي وفق قوانين تغيراته المستمرة، ولا تمتلك المال اللازم لأداخلها ضمن برنامج الدروس الخصوصية، الأمر الذي انتهى بأبعاد (صفا) عن مقاعد الدراسية ومكوثها في البيت.

تصطدم العملية التعليمة في العراق بمشكلة تغير المناهج الدراسية سنويا ً، بـل ويطال التغيير بعض المواد الدراسية بشكل مكرر في العام الواحد.

تربويون اعتبروا أن التعليم في العراق "يمر بانتكاسه خطيرة تهدده الأجيال بأمية ترتفع نسبها سنويا"، مؤكدين أن "تغيرات المناهج لا تخضع لخطط علمية أو متطورة بقدرة خضوعها لحكم الأمزجة لكل وزير يتقلد المنصب".

ملخصات لا منهج متكامل

الإعلامي أياد حسن اعتبر أن "مشكلة التعليم في العراق لا ترتبط بطبيعة المناهج التدريسية ولا بمستوى التدريسيين بل تكمن أن التعليم في العراق لم يواكب التطور العلمي الهائل في العالم فلا تزال المناهج متخلفة".

وأضاف "مشكلة تغير المناهج أربكت نظام التعليم بعدما اضطر المدرسين الى اعتماد أسلوب الملخصات او (الملازم)، فباتت امتحانات الطلبة تعليمية اكثر من كونها اختبارات".

من جهته يقول التدريسي علي جاسم أن "تغير المناهج جعل التدريسيون أمام سؤال محير وهو كيف يمكن توصيل المادة العلمية لذهن الطالب مع كل تغير يطرأ على المناهج، اذ يتطلب دراسة اولية للمدرس لفهم المادة وبالتالي إيصالها للطالب".

مدرسين بلا تأهيل

وكشف جاسم أن "الكثير من المعلمين والمدرسين يجدون صعوبة في إيصال المعلومات العلمية للطالب، فسابقا كانت أخطاء المدرس خلال السنة الدراسية تعد له تجربة يمكن تصحيحها للعام المقبل لكن وفق ما يجري من تغيرات متكررة للمناهج فان أخطاء التدريسيين تتفاقم، خصوصا للجدد منهم والغير مؤهلين، مما ينعكس سلبا على مستويات الطلبة العلمية".

ما يطرأ من تغيرات في المناهج التعليمية ادخل أولياء الأمور في دوامة كيفية تجاوز أبناءهم لمراحلهم الدراسية، وتطوير مهارتهم ،الأمر الذي وضع غالبيتهم إمام الحل التعليمي الأول إما المدرس الخصوصي او المدرسة الأهلية، وهو ما أثقل ميزانية بعض الأسر، فيما برزت ظاهرة المدرسين (الدمج) لكل من هب ودب.

مدرس خصوص دمج

ففي مدينة الصدر وكذا الحال في معظم الإحياء الشعبية في عموم البلاد انتشرت المعاهد التدريسية أو ما يعرف بمعاهد الدروس الخصوصية بشكل ملفت لكن ما يثير الاستغراب ظهور فئة تمارس مهنة التدريس الخصوصي دونما دراية بالتعليم وأساسياته فلا عجب بأن تجد ربة بيت تقرأ وتكتب فقط مدرسة او معلمة بصفة (خصوصي) والهدف مادي فقط.

جنان ربة بيت لم تكمل دراستها المتوسطة تمارس مهنة التدريس حاليا وتستقطب في بيتها طلبة المراحل الابتدائية لقاء مبلغ (50 الف) لكل طالب.

جنان ليست تدريسية متقاعدة أو خريجة لم تحصل على فرصتها بالتعيين، وإنما ربة بيت وأم لثلاث أبناء وزوجة لم تجدد طريقة لكسب قوت يومها سواء بالعمل بمهنة التدريس كقضاء حاجة بحسب حديثها لـوكالة النبأ للإخبار.

تقول جنان أنها "اكتسبت خبرتها في مجال التدريس من خلال تدريسها لابنتيها (ريم وود)"، حيث دعت ريم وود صديقتهما لدراسة مادة العلوم برفقة والدتهما فاستحسنت حنان فكرة الدروس الخصوصية مقابل أجور.

الآمر لا يتخلف كثيرا عن ما يمارس خالد رحيم شاب عشريني تخرج من إعدادية الصناعة منذ أكثر عشرة أعوام، حيث افتتح مؤخرا معهد صغير لدروس التقوية بالاشتراك مع أصدقاء له من ذات الاختصاص خالد يمتهن التدريس الخصوصي لا حبا في العلم وإنما لتوفير لقمة العيش بحسب قولة.

يضيف خالد: "أجد صعوبة في تدريس الطلبة فبداية كل عام أراجع المناهج الدراسية لفهمها وتلقينها للطلبة في المعهد لكني أتفاجأ بتغيرها الأمر الذي يربك عمل المدرسين العاملين في المعهد ويضعنا في موقف محرج أمام أولياء الأمور".

احزاب التعليم

التربوي جواد المريوش أكد في تصريحات صحفية سابقة أن "واقع التعليم في العراق (مأساوي)". مرجعا ذلك إلى أن من يشرف على قيادة وزارة التربية أحزاب "لها أهدافها الخاصة التي تقدمها على مصلحة التعليم".

وذكر أن "أغلب المسؤوليات والمناصب في وزارة التربية ومديرياتها العامة وصولا إلى إدارات المدارس تم إسنادها إلى شخصيات حزبية دون النظر إلى كفاءتهم، مما تسبب في إيصال التعليم إلى هذا الواقع".

ارتفاع نسب الرسوب

إلى ذلك أكدت عضو لجنة التربية النيابية أشواق كريم، ان التغييرات التي طرأت على المناهج الدراسية لا تتناسب مع مستوى الطالب العمري والعلمي وهي السبب بارتفاع نسب الرسوب وتدني مستوى التعليم، وفشل النظام التربوي، مبينة أن المادة العلمية في إحياء الثالث المتوسط، تم نقلها لعلوم الخامس الابتدائي في التغييرات الجديدة مما أربك الطالب وتسبب بنسب رسوب كبيرة.

واعتبرت ان التحركات على مواقع التواصل الاجتماعي لإضراب عام في عموم المدارس بأنه سيتسبب بفوضى ويربك المسيرة التعليمية.

وكانت عدد من المدارس في بغداد المحافظات بغداد أعلنت عن إضرابا كاملاً للطلبة احتجاجاً على التغيير المتواصل في المناهج، إذ أضرب الطلبة عن الدوام الرسمي ونظموا تظاهرات احتجاجية استجابة للدعوات التي أطلقها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي. انتهى/خ.

اضف تعليق