قال معهد بحثي أميركي، أمس الأربعاء، إن إيران شرعت في عملية تنظيف وهدم سريع بموقع نووي شمال العاصمة طهران، تعرض لضربات جوية إسرائيلية منتصف يونيو الماضي، في خطوة يُرجح أنها تهدف إلى محو الأدلة المرتبطة ببرامج تطوير أسلحة نووية.

وأوضح معهد العلوم والأمن الدولي، وهو مؤسسة بحثية مستقلة يرأسها المفتش الأممي السابق ديفيد أولبرايت، أن صور الأقمار الصناعية أظهرت "جهوداً واسعة النطاق لإزالة المباني المتضررة أو المدمرة بسرعة"، معتبراً أن ذلك "من المرجح أن يكون سعياً لإخفاء أي آثار لأنشطة بحث أو تطوير متعلقة بالسلاح النووي".

ولم يصدر تعليق فوري من البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة على هذه الاتهامات، فيما تؤكد طهران على الدوام أن برنامجها النووي مخصص لأغراض سلمية وتنفي السعي لامتلاك قنبلة نووية.

سياق متوتر

يأتي هذا التقرير بينما تجري الوكالة الدولية للطاقة الذرية محادثات في طهران بشأن استئناف عمليات التفتيش، التي تعطلت جراء الحرب الأخيرة بين إيران وإسرائيل (13 – 24 يونيو/ حزيران) وما تخللها من ضربات أميركية طالت في 22 يونيو ثلاثة من أهم المنشآت النووية الإيرانية: فوردو، ونطنز، وأصفهان.

ونقلت وكالة "رويترز" عن أربعة دبلوماسيين أن بريطانيا وفرنسا وألمانيا تعتزم اليوم الخميس تفعيل آلية لإعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على إيران، بعد اتهامها بانتهاك الاتفاق النووي المبرم عام 2015.

بدوره، شدد المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، في تصريحات من واشنطن، على أن إيران "ملزمة قانوناً" بالسماح باستئناف عمليات التفتيش، مؤكداً أن الوكالة تسعى لزيارة "جميع المواقع ذات الصلة"، بما في ذلك المواقع التي تعرضت للضربات الأميركية، إضافة إلى متابعة ملف المخزون الإيراني الذي تجاوز 400 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب بمستويات قريبة من الدرجة اللازمة لصناعة الأسلحة.

تفاصيل موقع "موجده"

ووفقاً لتقرير معهد العلوم والأمن الدولي، فإن (إسرائيل) قصفت مرتين موقع "موجده" (المعروف أيضاً باسم لاويزان 2) المجاور لجامعة مالك الأشتر شمال طهران، وذلك في 18 يونيو خلال حملة واسعة استهدفت مئات الأهداف داخل إيران.

وأشار التقرير إلى، أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية سبق أن ربطت الموقع مباشرة ببرنامج "خطة آماد"، وهو مشروع تطوير أسلحة نووية خلصت الوكالة والاستخبارات الأميركية إلى أنه توقّف عام 2003.

وبحسب المعهد، فقد أصابت الغارة الأولى عدة مبانٍ، بينها منشأة مرتبطة بمعهد الفيزياء التطبيقية، وأخرى يشتبه بارتباطها بمجموعة "شهيد كريمي" الخاضعة لعقوبات أميركية بسبب نشاطها في مشاريع متعلقة بالصواريخ والمتفجرات، والتابعة بدورها لـ"منظمة الأبحاث والابتكار الدفاعي" التي تُعتبر الامتداد المباشر لخطة آماد.

أما الغارة الثانية فاستهدفت معهد الفيزياء التطبيقية بشكل مباشر، ما أدى إلى تدميره وإلحاق أضرار بمبنى أمني وتخريب ورشة صناعية، وفق صور أقمار صناعية التقطتها شركة "ماكسار تكنولوجيز" في 20 يونيو.

وتابع التقرير، أن صوراً لاحقة، التقطت في 3 يوليو، أظهرت بدء عمليات التنظيف وإزالة الأنقاض، بينما كشفت صور أخرى بتاريخ 19 أغسطس عن اكتمال هدم معهد الفيزياء التطبيقية والورشة وإزالة أنقاضهما بالكامل، إضافة إلى إزالة مبنى آخر يعتقد أنه كان يضم مجموعة شهيد كريمي.

وخَلُص المعهد في تقريره إلى، أن "وتيرة العمل السريعة لهدم هذه المباني المهمة وإزالة أنقاضها، تبدو محاولة متعمدة لتطهير الموقع وتقليل فرص أي تفتيش مستقبلي قد يكشف أدلة على نشاطات مرتبطة ببرنامج الأسلحة النووية الإيراني".

م.ال

اضف تعليق