يتجدد السؤال حول جدوى العمل العسكري الأمريكي ضد إيران مع كل أزمة كبرى في منطقة الشرق الأوسط، فقد طالب بعض المشرعين الأمريكيين بإظهار حزم تجاه طهران، معتبرين أن القوة العسكرية قد تكون الوسيلة الوحيدة لردع نفوذها المتزايد في المنطقة، السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام كان من بين هؤلاء الداعمين، حيث صرّح في مناسبات عديدة بأن تدمير المنشآت النفطية والبنية التحتية الإيرانية هو السبيل الأمثل لمواجهة التهديدات الإيرانية، خاصة في ظل التوترات المستمرة مع حزب الله وحماس.
تداعيات سلبية ومخاطر التصعيد
غراهام حذر مؤخراً من تصاعد الصراع، مطالباً برد عسكري قوي في حال تصاعدت الهجمات ضد إسرائيل أو استمرت أزمة الرهائن، هذه التصريحات جاءت وسط تزايد الدعوات لتوجيه إنذار نهائي لإيران بوقف تطوير برنامجها النووي، وإلا فإن الخيار العسكري سيكون مطروحاً.
إلا أن هناك تحذيرات جادة من تداعيات أي تدخل عسكري ضد إيران، ووفقاً لدانيال ديبتريس، الباحث في مؤسسة "أولويات الدفاع"، فإن توجيه ضربة عسكرية لإيران لن يحقق الأهداف المنشودة، وسيكون لها آثار سلبية بعيدة المدى. أبرز هذه التداعيات تكمن في أن طهران لن تتوانى عن الرد، وقد تستهدف القواعد الأمريكية في الشرق الأوسط أو مصالح حلفاء واشنطن.
ديبتريس يشير إلى أن إيران تمتلك بالفعل نفوذاً محدوداً على حماس، ما يجعل فكرة استخدام القوة العسكرية لإجبارها على الإفراج عن الرهائن غير مجدية.
القدرات العسكرية الإيرانية
الكاتب يؤكد أن أي عملية عسكرية ستكون مكلفة، ليس فقط على المستوى العسكري بل أيضاً الاستراتيجي. إذ يتطلب أي هجوم شامل على إيران استخدام قوات كبيرة ومعدات متطورة، مع الاستعداد لرد إيراني محتمل. الجيش الأمريكي لديه أكثر من 40 ألف جندي في المنطقة، مما يجعلهم أهدافاً سهلة لأي رد انتقامي من إيران.
البرنامج النووي الإيراني
أما فيما يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني، فإن تدمير المنشآت النووية لا يعني نهاية التهديد. فالمعرفة العلمية التي اكتسبتها إيران على مدى العقود الثلاثة الماضية ستظل موجودة، وسيتمكن الإيرانيون من إعادة بناء قدراتهم النووية بشكل أسرع بعد انتهاء أي هجوم. كما أن غياب الرقابة الدولية بعد ضرب المنشآت قد يجعل الوضع أسوأ مما هو عليه اليوم.
في نهاية المطاف، يحذر الكاتب من أن العمل العسكري قد يدفع إيران لتسريع جهودها لتطوير سلاح نووي، وهو ما قد يغير الحسابات الاستراتيجية للولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة. وعليه، يبقى الخيار الدبلوماسي والمفاوضات أفضل وسيلة للتعامل مع طهران، رغم صعوبتها، مقارنة بالمخاطر الكبيرة التي قد تنجم عن العمل العسكري.
المصدر: وكالات
م.ال
اضف تعليق