كربلاء – النبأ
أصدر ملتقى النبأ للحوار بحثًا علميًا مشتركا بعنوان "جريمة تعاطي المخدرات وسبل مكافحتها" لكل من الدكتور محمد علي سالم والدكتورة إسراء محمد علي، تناول فيه الباحثان أبعاد هذه الجريمة من النواحي القانونية والاجتماعية والدينية، مع تقديم رؤية شاملة لأسباب انتشارها وآليات مواجهتها ضمن السياق العراقي والإقليمي.
مخاطر متصاعدة وتهديد للأمن المجتمعي
افتُتح البحث بالإشارة إلى التهديد الخطير الذي تشكله المخدرات على صحة الإنسان والقيم الاجتماعية والسياسية، مؤكدا أن تعاطي المخدرات يرتبط ارتباطًا وثيقا بانتشار الجريمة المنظمة، بما يهدد الاقتصاد الوطني وأمن الدول وسيادتها.
اعتبر الباحثان أن هذا التهديد يتطلب استجابة فاعلة وشاملة من الحكومات والمجتمعات، تبدأ من مكافحة الطلب غير المشروع، وتمر بالرقابة على المواد الكيميائية المستخدمة في التصنيع، وصولا إلى تجفيف منابع الإنتاج والزراعة غير المشروعة.
جريمة غير معرفة تشريعيا... لكنها واضحة في آثارها
تناول المبحث الأول من البحث مفهوم جريمة تعاطي المخدرات، حيث أوضح الباحثان أن معظم التشريعات العقابية، ومنها القانون العراقي، لم تقدم تعريفًا محددًا لهذه الجريمة، بل اكتفت بتناول أحكامها، وقد عرفا الجريمة بأنها "تصرف إيجابي يتمثل في أخذ مواد مخدرة – طبيعية أو صناعية – لغير الغرض الطبي أو العلاجي"، مما يعد مخالفة قانونية واضحة.
ومن الجانب الشرعي، بيّن البحث أن المخدرات رغم عدم ورود تحريمها نصا في القرآن أو السنة، فإنها محرمة بموجب القياس العقلي والفقهي لكونها تُذهب العقل وتقع ضمن مفهوم "الخمر".
أسباب الظاهرة ووسائل المكافحة
في المبحث الثاني، تناول البحث الأسباب المتعددة التي تدفع نحو تعاطي المخدرات، سواء النفسية، الاجتماعية، الاقتصادية أو الثقافية، إلى جانب التأثير الكبير للتكنولوجيا الحديثة في تسهيل الوصول إلى هذه المواد.
كما استعرض الباحثان الآثار المدمّرة للتعاطي على الفرد والمجتمع، مبرزين الحاجة إلى حلول متعددة الأبعاد.
وقدّم البحث مجموعة من الوسائل لمكافحة الظاهرة، منها: إصدار قوانين رادعة، توفير الرعاية النفسية والعلاجية للمدمنين، والتأكيد على التوعية الوقائية من خلال الأسرة والمدرسة والإعلام والمؤسسات الدينية.
استنتاجات دقيقة وتوصيات تنفيذية
خلص البحث إلى عدد من الاستنتاجات المهمة، أبرزها:
- غياب التعريف التشريعي الدقيق لجريمة التعاطي رغم تجريمها قانونا.
- أن المخدرات تقع ضمن مفهوم "الخمر" المحرم شرعا.
- أن التشريع وحده غير كافٍ دون إجراءات وقائية ومجتمعية.
- أن الدعم النفسي والرعاية اللاحقة ضرورة لمعالجة الإدمان.وفي التوصيات، دعا الباحثان إلى:
- توظيف الإعلام والخطب الدينية ومنظمات المجتمع المدني للتوعية.
- تعزيز الرقابة على المنافذ الحدودية والمقاهي والسجون.
- إعداد تقارير دورية ترصد مناطق انتشار الظاهرة.
- إنشاء مستشفيات متخصصة لعلاج الإدمان.
- تفعيل دور الاستخبارات في تتبع شبكات الترويج والاتجار.
يعكس هذا البحث الصادر عن ملتقى النبأ للحوار حرصه على تقديم دراسات علمية تدعم صناع القرار وتستند إلى مقاربات متعددة، تمزج بين القانون والمجتمع والدين في مواجهة ظواهر تهدد نسيج المجتمع العراقي.
اضف تعليق