في إنجاز علمي مذهل، أعلن باحثو وكالة الفضاء الأميركية ناسا عن تطوير النموذج الأكثر شمولاً ودقة حتى الآن لتصوّر تيارات المحيطات الكبرى حول العالم، فاتحين بذلك نافذة جديدة لفهم ديناميكيات البحار وتأثيرها المباشر في مناخ الأرض ومستقبلها البيئي.
النموذج، الذي أنجزه فريق مركز "غودارد" لرحلات الفضاء، يعتمد على دمج معطيات رصدية ضخمة مع حسابات عددية متقدمة ضمن مشروع NASA ECCO، والنتيجة: خريطة تفاعلية تكشف عشرات الآلاف من الدوامات البحرية، وفيلم مرئي مدته 20 دقيقة يعرض – بتفاصيل لم تُرصد من قبل – التدفقات العالمية للتيارات السطحية.
ولا تقتصر أهمية الابتكار على الجانب البصري المدهش، بل تتعداه إلى التطبيقات العلمية؛ إذ يتيح للباحثين تتبّع دور المحيطات في دورة الكربون العالمية، وفهم التغيرات التي تطرأ على المياه القطبية، وهي من أبرز العوامل المؤثرة في تسارع ظاهرة الاحتباس الحراري وارتفاع مستويات البحار.
ورغم أن النموذج يركّز أساساً على التيارات الكبرى بسبب حدود الدقة الحسابية، فإن التيارات الصغيرة أُدرجت أيضاً عبر معادلات خاصة تمنح التصوّر واقعية لافتة. وبينما تبدو الدوامات أكثر انتظاماً وكمالاً من الواقع الفوضوي للمحيطات، فإن المحاكاة تظل الأقرب علمياً إلى الحقيقة، مانحة العلماء أداة ثورية لتوسيع آفاق أبحاثهم.
م.ال
اضف تعليق