كربلاء – تواجه بحيرة الرزازة، ثاني أكبر بحيرة داخلية في العراق، خطر الجفاف الكامل، في مشهد يُجسّد الأزمة البيئية العميقة التي تضرب البلاد جراء تغيّر المناخ وسوء إدارة الموارد المائية.
كانت الرزازة يومًا ما ملاذًا مائيًا نابضًا بالحياة، تحتضن الصيادين والزوار والعائلات الباحثة عن الترفيه.
أما اليوم، فقد تحوّلت إلى أرضٍ متشققة تتناثر حولها النفايات، بعدما تقلّصت مساحتها المائية بشكل غير مسبوق.
يقول أحد الزائرين من مدينة النجف في تصريحٍ اعلامي تابعته وكالة النبأ: "رأيت صورًا للبحيرة في الإنترنت، مياه صافية وسماء جميلة، فقررت زيارتها. لكن ما شاهدته كان صادمًا – القمامة في كل مكان، والطريق المؤدي إلى البحيرة شبه مدمّر، والماء بالكاد موجود".
الصيادون المحليون، الذين كانوا يعتمدون لعقود على البحيرة كمصدر رزق رئيسي، يعيشون اليوم على حافة الفقر، أحدهم أشار إلى الشاطئ الجاف قائلًا:"كانت البحيرة مليئة بالأسماك من كل الأنواع، والآن لم يتبقَّ شيء، الحكومة لا تزورنا، ولا أحد يهتم".
وبحسب مديرية الموارد المائية في كربلاء، فإن الانخفاض الحاد في منسوب البحيرة يعود إلى تراجع التدفقات المائية وندرة الجريان السطحي الموسمي.
وقال عبد الأمير الخرسان، مدير شؤون المياه في المحافظة:"كان آخر إطلاق رئيسي للمياه عام 2018، بحجم مليار متر مكعب، حين ارتفع منسوب البحيرة إلى 23.5 مليار متر مكعب. أما اليوم، فقد انخفض إلى أقل من 20.5 مليار."
تُظهر هذه الأرقام تراجعًا خطيرا يهدد بفقدان كامل للبحيرة خلال السنوات القليلة المقبلة، ما لم تُتخذ إجراءات عاجلة لإعادة الإمدادات المائية وتحسين إدارة الموارد.
ويُحذّر الخبراء من أن جفاف الرزازة ليس مجرد مأساة محلية، بل إنذار صارخ لما قد يواجهه العراق بأكمله في ظل تراجع منسوب الأنهار، وتزايد الاعتماد على الموارد المحدودة.
فالمشهد الصامت لبحيرة تختفي ببطء يختصر قصة أمة تكافح من أجل البقاء بين تغيّر المناخ والإهمال وسنوات من سوء التخطيط المائي.
اضف تعليق