بينما يواصل العراقيون معاناتهم مع ملف الكهرباء المزمن، يكشف خبير اقتصادي عن إنفاق ضخم يتجاوز 10 تريليونات دينار عراقي خلال العام الماضي فقط، دون تحقيق نتائج ملموسة على الأرض، محذراً من استمرار هذا النزيف المالي ما لم تُتخذ قرارات إصلاحية "جريئة" تشمل تفكيك مركزية القطاع وتحويل إدارته إلى الحكومات المحلية.

وبحسب الخبير الاقتصادي منار العبيدي، استناداً إلى بيانات وزارة المالية العراقية لعام 2024، بلغ الإنفاق المباشر على قطاع الكهرباء حتى منتصف العام نحو 10.45 تريليون دينار (ما يعادل 8 مليارات دولار تقريباً).

وقد توزعت هذه النفقات وفقاً للتفصيل التالي:

  • أجور الكهرباء: 3.39 تريليونات دينار
  • نفقات الوقود المستورد لتشغيل المحطات: 3.3 تريليونات دينار
  • الموازنة الاستثمارية لوزارة الكهرباء: 1.2 تريليون دينار
  • تعويضات ومنح ورواتب: 2.3 تريليون دينار
  • استيراد الطاقة من الخارج: 238 مليار دينار

العبيدي أشار إلى، أن هذه الأرقام تمثل الإنفاق المباشر فقط، بينما تُضاف إليها نفقات غير مباشرة تشمل الدعم الحكومي وتكاليف الفاقد الفني والتجاري، في وقت لا تتوفر فيه أرقام دقيقة حول حجم الجباية السنوية، مما يصعّب حساب العجز المالي الحقيقي في القطاع.

ووفقاً للخبير الاقتصادي، فإن هذه الفجوة المستمرة بين الإنفاق والتحصيل تُحمّل الدولة خسائر سنوية متكررة دون حلول جذرية، ما يجعل من ملف الكهرباء "أحد أعقد التحديات التنموية والاقتصادية في العراق"، حسب تعبيره.

وانتقد العبيدي استمرار اعتماد الحكومة على "الحلول الترقيعية"، معتبراً أن المعالجة الحقيقية تكمن في تفكيك المركزية، و"نقل صلاحيات الإنتاج والتوزيع والجباية من الحكومة المركزية إلى الحكومات المحلية"، لتتولى كل محافظة إدارة ملف الطاقة ضمن نطاقها الجغرافي.

واقترح أن يتم تفويض المحافظات بإنشاء وحدات توليد محلية تعتمد مصادر متعددة للطاقة، إلى جانب إدارتها لعمليات الجباية والتحصيل، بما يعزز الكفاءة ويقلل من الهدر والفساد.

وفي خطوة أكثر جرأة، دعا العبيدي إلى إلغاء وزارة الكهرباء بالكامل، وتحويل وحداتها وإداراتها إلى مديريات عامة تابعة لحكومات المحافظات، على أن يقتصر دور الحكومة الاتحادية على تنظيم السوق وسن التشريعات العامة.

وقال، إن "ما لم يتم اتخاذ هذا المسار، فسيبقى العراق يدور في حلقة مفرغة، تستنزف مليارات الدولارات سنوياً دون تحقيق أمن كهربائي حقيقي".

واختتم العبيدي تقريره بتقدير مفزع: منذ عام 2003، أنفق العراق نحو 200 مليار دولار على قطاع الكهرباء، دون أن ينجح في تأمين تغطية مستمرة ومستقرة. ويرى أن السبب الرئيسي في ذلك يعود إلى "مركزية القرار، وسوء الإدارة، وضعف التخطيط، وغياب الرؤية طويلة الأمد".

م.ال

اضف تعليق