في تقرير لصحيفة غارديان البريطانية، كُشف عن مفارقة مؤلمة تختبئ خلف شعارات التقدم، إذ يقف النفط في مواجهة الحياة في أهوار الحويزة، التي كانت يومًا موئلًا للأسماك والطيور ومصدر رزقٍ لعائلات الصيادين.

المواطن مصطفى هاشم يلخص المشهد بحسرة: "قبل عامين فقط كانت الحياة في كل مكان.. اليوم لم يبقَ شيء، سوى ألسنة لهب حقل الحلفاية التي تلوح في الأفق".

الأهوار الجنوبية، المعروفة عالميًا بـ "أهوار بلاد الرافدين"، حازت اعتراف اليونسكو عام 2016 كموقع تراث عالمي، وأُدرجت ضمن اتفاقية "رامسار" لحماية الأراضي الرطبة منذ 2007. لكن تحت سطحها تختبئ ثروة نفطية هائلة؛ حقول الحلفاية والحويزة ومجنون، الأخير منها وحده يُقدَّر احتياطيه بـ 38 مليار برميل.

عمليات الاستخراج تستهلك كميات ضخمة من المياه، إذ يضخ حقل الحلفاية يوميًا 60 ألف متر مكعب من مياه دجلة، بإدارة "بتروتشاينا" وشراكة "توتال إنرجيز"، وهو ما يقلل من تدفق المياه نحو الأهوار التي تعاني أصلًا من شح بسبب السدود في تركيا وإيران.

التقرير أشار أيضًا إلى، أن القنوات المؤدية لعمق الأهوار تحولت إلى مناطق عسكرية مغلقة، بذريعة منع التهريب وتأمين الحدود، فيما يعتقد السكان أنها محاولة لإسكات الأصوات الغاضبة.

وثيقة محلية من مديرية زراعة ميسان كشفت نسبًا مرتفعة من الهيدروكربونات والمعادن الثقيلة في مياه الشرب، ما أدى إلى انهيار الزراعة.

كما أظهرت صور الأقمار الصناعية استمرار التوسع النفطي داخل المناطق المحمية، في ظل اتفاق فبراير 2023 بين شركة نفط ميسان و"جيو-جايد" لتطوير حقل الحويزة الجديد، في انتهاك محتمل لاتفاقية "رامسار".

اليونسكو أعربت عن قلقها البالغ من تهديد مشاريع النفط والغاز، التي دفعت كثيرًا من السكان إلى هجرة بيوتهم، بينما يختصر هاشم المأساة برسالة جيل: "لسنا ندافع عن حقوق الحفر، بل عن حق أولادنا في أن يعرفوا الأهوار التي صانها أجدادنا لآلاف السنين. بالنسبة لهم هذه المياه مشروع.. أما بالنسبة لنا فهي الحياة".

م.ال

اضف تعليق