يشهد الجدل العالمي حول الذكاء الاصطناعي اتساعاً متزايداً، وسط تساؤلات عميقة تتجاوز حدود التطور التقني نحو تأثيره المباشر في قدرات الإنسان الذهنية وآليات تفكيره.
ويؤكد مختصون أن الاعتماد المتزايد على الأنظمة الذكية في التحليل والصياغة واقتراح الحلول بات يغيّر طبيعة الجهد العقلي ومراحله التقليدية.
وبحسب خبراء في علوم الإدراك، فإن الانتقال السريع إلى النتائج الجاهزة يقلّص تدريجياً مهارات أساسية مثل المقارنة والتركيب وبناء الفرضيات، إذ يتحوّل التفكير من عملية تبدأ بالسؤال وتنتهي بالاستنتاج إلى مسار مختصر يعتمد على جاهزية الإجابات بضغطة زر.
ويطرح الباحثون ما يسمّى بـ"التناوب المعرفي" كآلية تنظيمية للحفاظ على استقلالية العقل، من خلال فصل مراحل التفكير التي يمارسها الإنسان بشكل مستقل عن تلك التي يُسمح فيها للأدوات الذكية بالتدخل في وقت لاحق ولأغراض محددة.
ويؤكدون أن هذا الفصل يضمن بقاء العقل نقطة الانطلاق في اتخاذ القرار، ويمنع انتقال مركز الفعل إلى التكنولوجيا من دون وعي.
كما تشير دراسات معرفية حديثة إلى أن البطء والتردد وإعادة النظر ليست عقبات ذهنية، بل مراحل ضرورية لإنتاج فهم عميق، محذّرةً من أن استبدالها بإجابات جاهزة وسريعة قد يحوّل المعرفة إلى مادة قابلة للاستهلاك وليست للتأمل والتحليل.
ويرى المختصون، أن القضية ليست أخلاقية بقدر ما هي تنظيمية، وتتعلق بكيفية إدارة وقت التفكير وتحديد اللحظة المناسبة لاستخدام الذكاء الاصطناعي، مؤكدين أن الحفاظ على استقلال التفكير بات “فعلاً واعياً” في بيئة معرفية تتغير بوتيرة متسارعة.
وأضاف الخبراء، أن التوازن بين الجهد العقلي والأدوات الذكية يشكل التحدي الأبرز في المرحلة المقبلة، مع تحوّل الذكاء الاصطناعي إلى جزء متزايد التأثير في الحياة المهنية والتعليمية وصنع القرار.
م.ال



اضف تعليق