أصدرت الشبكة العربية للأبحاث والنشر الترجمة العربية لكتاب "لِمَ يتقاتل البشر؟ الديناميات الاجتماعية للعنف الجسدي المباشر" للمفكر السوسيولوجي سينيشا مالشيفيتش، والذي يقدم تفسيراً اجتماعياً جديداً لظاهرة العنف البشري المباشر، بعيداً عن التفسيرات التقليدية التي تربطه بالعوامل الفردية أو البيولوجية أو النفسية.
في هذا العمل، ينتقد مالشيفيتش النظريات السائدة التي تعزو العنف إلى دوافع اقتصادية أو أيديولوجية أو غرائزية، معتبراً أن مثل هذه التفسيرات لا تفسر بدقة لماذا ينخرط الأفراد في القتال في سياقات محددة دون غيرها.
ويرى أن العنف هو ظاهرة اجتماعية معقدة تتشكل من خلال علاقات اجتماعية، وسياقات تاريخية، وأطر تنظيمية تعزز من "العدوانية الاجتماعية".
التضامن المصغر.. مفتاح الفهم
يسلط الكتاب الضوء على ما يسميه المؤلف بـ"التضامن المصغر"، أي الروابط الاجتماعية الصغيرة التي تدفع الأفراد إلى القتال دفاعاً عن زملائهم أو مجموعاتهم المصغّرة، وليس بدافع الأيديولوجيا أو المصالح الشخصية بالضرورة.
ويستعرض مالشيفيتش أمثلة تاريخية من حروب كبرى مثل الحرب الأهلية الإسبانية، ومشاركة الجنود الهنود في الحرب العالمية الأولى، وأداء جنود الفيرماخت في الحرب العالمية الثانية، ليبين كيف لعبت هذه الروابط دوراً حاسماً في تحفيز الأفراد على القتال.
مقارنة بين الجيوش والتنظيماتكما يقدم الكتاب مقارنات تحليلية بين تنظيمات عسكرية مختلفة، مشيراً إلى أن التنظيمات التي تدمج بين التضامن المصغر والاحترافية التنظيمية تكون أكثر قدرة على تعبئة المقاتلين.
ويخصص المؤلف فصولاً لدراسة العوامل العاطفية المصاحبة للعنف المباشر، مثل الخوف والولاء والضغط الاجتماعي، وكيف تؤثر هذه العوامل على قرارات الأفراد في مواقف العنف القريب المدى.
مساهمة جديدة في علم الاجتماع
بحسب مالشيفيتش، لا يمكن فهم العنف البشري بمعزل عن البنية الاجتماعية التي تخلق الظروف الملائمة له.
ومن هذا المنطلق، يُعد الكتاب مساهمة علمية رائدة في علم الاجتماع السياسي والعسكري، حيث حصل على جائزة الجمعية الأمريكية لعلم الاجتماع لعام 2023 في فئة السلام والحرب والصراع الاجتماعي.
يُذكر أن الكتاب صدر حديثاً عن الشبكة العربية للأبحاث والنشر، ليكون متاحاً للقارئ العربي في سياق متنامٍ من الاهتمام بفهم الديناميات الاجتماعية للعنف في العالم العربي.
اضف تعليق