دعت المرجعية الدينية العليا، الى دمج قوات الحشد الشعبي بالمنظومة الأمنية" مشددة على "محاربة الفساد والفاسدين بكل حزم وقوة".

وقال ممثل المرجعية العليا في كربلاء الشيخ عبد المهدي الكربلائي في خطبة الجمعة التي ألقاها من داخل الصحن الحسيني الشريف: ايها العراقيون الشرفاء بعدما يزيد على ثلاثة أعوام من القال الضاري وبذل الغالي والنفيس ومواجهة مختلف الصعاب والتحديات انتصرتم على أعتى قوة ارهابية استهدفت العراق بماضيه وحاضره ومستقبله، انتصرتم عليها بارادتها الصلبة وعزيمتكم الراسخة في الحفاظ على وطنكم وكرامتكم ومقدساتكم".

وأضاف "انتصرتم عليها في تضحياتكم الكبيرة حيث قدمتم انفسكم وفلذات اكبادكم وكل ما تملكون فداء للوطن الغالي فسطرتم اسمى صور البطولة الاثار وكتبتكم تاريخ العراق الحديث باحرف من عز وكرامة ووقف العالم مدهوشا امام صلابتكم وصبركم واستبسالكم وايمانكم بعدالة قضيتكم حتى تحقق هذا النصر الكبير الذي ظن الكثيريون انه بعيد المنال ولكنكم جعلتم منه واقعا ملموسا خلال مدة قصيرة نسبياً فحفظتم به كرامة البلد وعزته وحافظتم على وحدته ارضا وشعبا، فما اعظمكم من شعب".

وتابع الشيخ الكربلائي: ايها المقاتلون الميامين يا ابطال القوات المسلحة بمختلف صنوفها وعناوينها، ان المرجعية الدينية العليا صاحبة فتوى الدفاع الكفائي التي سخرت كل امكاناتها وطاقاتها في سبيل اسناد المقاتلين وتقديم العون لهم وبعثت بخيرة ابنائها من اساتذة وطلاب الحوزة العلمية الى الجبهات دعما للقوات المقاتلة وقدمت العشرات منهم شهداء في هذا الطريق لا ترى في احد فضلاً يداني فضلكم ولا مجداً يرقى الى مجدكم في تحقيق هذا الانجاز التاريخي فلولا استجابتكم الواسعة لفتوى المرجعية وندائها واندفاعكم البطولي الى جبهات القتال وصمودكم الاسطوري فيها بما يزيد على ثلاثة أعوام لما تحقق هذا النصر المبين فالنصر منكم ولكم واليكم وانتم أهله وأصحابه فهنيئا لكم به وهنيئا لشعبكم بكم وبوركتم وبوركت تلك السواعد الكريمة التي قاتلتم به وبوركت تلك الحجور الطاهرة التي ربيتم فيها".

وبين "انتم فخرنا وعزنا ومن نباهي به سائر الأمم وما أسعد العراق وما أسعدنا بكم لقد استرخصتم ارواحكم وبذلتم مهجكم في سبيل بلدكم وشعبكم ومقدساتكم، واننا نعجز عن ان نوفيكم بعض حقكم ولكن الله تعالى سيوفيكم الجزاء الأوفى، وليس لنا الان ان ندعوه في ان يزيد في بركاته عليكم ويجزيكم خير جزاء المحسنيين".

وأشار الى "اننا اليوم نستذكر اليوم بمزيد من الخشوع والاجلال شهدائنا الابرار الذين رووا أرض الوطن بفيض دمائهم الزكية فكانوا نماذج عظيمة للتضحية والفداء ونستذكر معهم عوائلهم الكريمة ابائهم واماتهم وزوجاتهم واولادهم واخوتهم واخواتهم اولئمك الاعزة الذين فجعوا باحبتهم فغدوا يقابلون الم الفراق بمزيد من الصبر والنتحمل".

واستطرد ممثل المرجعية العليا بالقول "نستذكر بعزة وشموخ اعزائنا الجرحى ولا سيما من اصيبوا باعاقة دائمة وهم الشهداء الأحياء الذين شاء الله تعالى ان يبقوا بيينا شهودا على بطولة شعب واجه اشرار العالم فانتصر عليهم بتضحيات أبنائه، وونستذكر باكبار وأمتنا جميع المواطنين الكرام الذين ساهموا في رفد ابنائهم المقاتلين في الجبهات بكل ما يعزز صمودهم حيث كانوا خير نصير وظهير لهم في واحدة من اروع صور تلاحم شعب بكافة شرائحه ومكوناته في الدفاع عن عزته وكرامته، وونستذكر بشكر وتقدير كل الذين كان لهم دور فاعل ومساند في هذه الملحمة الكبرى من المفكرين والمثقفين والاطباء والشعراء والكتاب والالاعميين وغيرهم".

وقال "كما نقدم الشكر والتقدير لكل الاشقاء والاصدقاء الذين وقفوا مع العراق وشعبه في محنته مع الارهاب الداعشي وساندوه وقدموا لهم العون والمساعدة سائلين الله العلي القدير ان يدفع عن الجميع شر الاشرار وينعم عليهم بالامن والسلام

وهنالك عدة أمور لابد من ان نشير اليها:

أولا: ان النصر على داعش لا يمثل نهاية المعركة مع الارهاب والارهابيين بل ان هذه المعركة ستستمر وتتواصل ما دام ان هناك أناس قد ضللوا فاعتنقوا لافكر المتطرف الذي لا يقبل صاحبه بالتعايش السلمي مع الاخرين ممن يختلفون معه في الرأي والعقيدة ولا يتورع عن الفتك بالمدنيين الابرياء وسبي الأطفال والنساء وتدمير البلاد للوصول الى اهدافه الخبيثة بل ويتقرب الى الله تعالى بذلك، فحذار من التراخي في التعامل مع هذا الخطر المستمر والتغاضي عن العناصر الارهابية المستترة والخلايا النلئمة التي تتربص الفرص للنل من أمن واستقرار البلد".

وأضاف ان "مكافحة الارهاب يجب ان تكون من خلال التصدي لجذوره الفكرية والدينية وتجفيف منابعه البشرية والمالية والاعلامية ويتطلب ذلك العمل وفق خطط مهنية مدروسة لتأتي بالنتائج المطلوبة والعمل الامني والاستحباري وان كان يشكل الاساس في مكافحة الارهاب الا ان من الضروري ان يقترن ذلك بالعمل التوعوي لكشف زيف وبطلان الفكر الارهابي وانحرافه عن جادة الدين الاسلامي الحنيف، متزامنا مع نشر وترويج خطاب الاعتدال والتسامح في المجتمعات التي يمكن ان تقع تحت تاثير هذا الفكر المنحرف بالاضافة الى ضرورة العمل على تحسين الظروف المعيشية في المناطق المحررة وإعادة اعمارها وتمكين أهلها النازحين من العود اليها بعزة وكرامة وضمان عدم الانتقاص من حقوقهم الدستورية وتجنب تكرار الاخطاء السابقة في التعامل معهم".

ثانياً- ان المنظومة الامنية العراقية لا تزال بحاجة ماسة الى الكثير من الرجال الابطال الذين ساندوا قوات الجيش والشرطة الاتحادية خلال السنوات الماضية وقاتلوا معها في مختلف الجبهات وأبلوا معها بلاء حسناً في أكثر المناطق وعورة واشد الظروف قساوة واثبتوا انهم أهل للمنازلة في الدفاع عن الأرض والعرض والمقدسات وخققوا نتائج مذهلة فاجأت الجميع داخلياً ودولياً ولا سيما الشباب منهم الذين شاركوا في مختلف العمليات العسكري والاستخبارية واكتسبوا خبرات قتالية وفنية مهمة وكانوا مثلاً للانضباط والشجاعة والاندفاع الوطني والعقائدي ولم يصبهم الوهن او التراجع او التخاذل وان من الضروري استرمرا الاستعانة والانتفاع بهذه الطاقات المهمة ضمن الاطر الدستورية والقانونية التي تحصر السلاح بيد الدولة وترسم المسار الصحيح لدور هؤلاء الابطال في المشاركة في حفظ البلد وتعزيز امنه حاضراً ومستقبلا والوقوف بوجه اي محاولات جديدة للارهابيين لغرض النيل من العراق وشعبه ومقدساته.

ثالثاً- ان الشهداء الابرار الذين سقوا أرض العراق بدمائهم الزكية وارتقوا الى جنان الخلد مضرجين بها لفي غنى عنا جميعا فهم {في مقعد صدق عند مليك مقتدر}، ولكن من أدنى درجات الوفاء بهم هو العناية بعوائلهم من الارمل واليتامى وغيرهم وان رعاية هؤلاء وتوفير الحياة الكريمة لهم من حيث السكن والصحة والتعليم والنفقات المعيشية وغيرها واجب وطني واخلاقي وحق لازم في أعناقنا جميعاً، ولن تفلح أمة لا ترعى عوائل شهدائها الذين ضحوا بحياتهم وبذلوا ارواحهم في سبيل عزتها وكرامتها وهذه المهمة في الدرجة الاولى واجب الحكومة ومجلس النواب بان يوفرا مخصصات مالية وافية لتأمين العيش الكريم لعوائل شهداء الارهاب الداعشي بالخصوص مقدماً على كثير من البنود الأخرى من الميزانية العامة.

رابعاً- ان الحرب على الارهابيين الدواعش خلف عشرات الالاف من الجرحى والمصابين في صفوف الابطال المشاركين في العمليات القتالية وكثير منهم بحاجة الى الرعاية الطبية وآخرون اصيبوا بعوق دائم والعوق في بعضهم غالب كالشلل الرباعي وفقدان البصر وبتر الاطراف وهوؤلاء الاعزة هم الاحق في الرعاية ممن سواهم لما لهم من الفضل على جميع العراقيين فلولاهم لما تحررت الارض وما أندحر الارهاب وما حُفظت الاعراض والمقدسات، ومن هنا فان توفير العيش الكريم لهم وتحقيق وسائل راحتهم بالمقدار الممكن تحفيفا لمعانتهم واجب واي واجب ويلزم الحكومة ومجلس النواب ان يوفرا المحخصصات المالية اللازمة لذلك وترجيحه على مصاريف اخرى ليست بهذه الاهمية.

خامساً: إن معظم الذين شاركوا في الدفاع الكفائي خلال السنوات الماضية لم يشاركوا فيه لدنياً ينالونها أو مواقع يحظون بها، فقد هبّوا الى جبهات القتال استجابة لنداء المرجعية واداءً للواجب الديني والوطني، دفعهم اليه حبهم للعراق والعراقيين وغيرتهم على اعراض العراقيات من أن تنتهك بأيدي الدواعش وحرصهم على صيانة المقدسات من أن ينالها الارهابيون بسوء، فكانت نواياهم خالصة من أي مكاسب دنيوية، ومن هنا حظوا باحترام بالغ في نفوس الجميع واصبح لهم مكانة سامية في مختلف الاوساط الشعبية لا تدانيها مكانةُ أي حزب او تيار سياسي، ومن الضروري المحافظة على هذه المكانة الرفيعة والسمعة الحسنة وعدم محاولة استغلالها لتحقيق مآرب سياسية يؤدي في النهاية الى ان يحلّ بهذا العنوان المقدس ما حلّ بغيره من العناوين المحترمة نتيجة للاخطاء والخطايا التي ارتكبها من ادّعوها.

سادساً: ان التحرك بشكل جدي وفعال لمواجهة الفساد والمفسدين يعدّ من اوليات المرحلة المقبلة، فلابد من مكافحة الفساد المالي والاداري بكل حزم وقوة من خلال تفعيل الاطر القانونية وبخطط عملية وواقعية بعيداً عن الاجراءات الشكلية والاستعراضية".

وبين ان "المعركة ضد الفساد – التي تأخرت طويلاً- لا تقلّ ضراوة عن معركة الارهاب إن لم تكن أشد وأقسى، والعراقيون الشرفاء الذين استبسلوا في معركة الارهاب قادرون – بعون الله- على خوض غمار معركة الفساد والانتصار فيها أيضاً إن أحسنوا ادارتها بشكل مهني وحازم". انتهى/خ.

اضف تعليق