كشفت دراسة حديثة نُشرت في مجلة Nature Aging عن اختبار بيولوجي جديد يمكنه التنبؤ بدقة بالعمر الحقيقي للجسم ومستوى الشيخوخة الصحية لدى الإنسان، وذلك من خلال تقييم ما يُعرف بـ"القدرة الذاتية" أو (Intrinsic Capacity – IC)، وهي مقياس مركب للوظائف الجسدية والعقلية الأساسية في الحياة اليومية.
ويشمل هذا التقييم خمس قدرات رئيسية: الإدراك، الحركة، الحواس (السمع والبصر)، الحيوية، والصحة النفسية.
وقد أثبتت الدراسة، التي استمرت لعقد من الزمن وشملت أكثر من 1000 مشارك تتراوح أعمارهم بين 20 و102 سنة، أن الأشخاص الذين حصلوا على درجات مرتفعة في مؤشر "القدرة الذاتية" عاشوا أطول بمعدل 5.5 سنوات، وتمتعوا بصحة جسدية ونفسية أفضل، من بينها رئات أكثر كفاءة، سرعة مشي أعلى، عظام أقوى، وشعور عام أفضل بالصحة.
ويُعد الإنجاز العلمي الأبرز في هذه الدراسة هو إمكانية قياس القدرة الذاتية عبر اختبار بسيط وغير جراحي يعتمد على تحليل علامات مثيلة الحمض النووي، سواء من الدم أو اللعاب، دون الحاجة لفحوصات سريرية معقدة ومكلفة.
وقال البروفيسور توماس هولاند من معهد راش للشيخوخة الصحية، والذي لم يشارك في البحث، إن "هذا النوع من الاختبارات يمثل أداة واعدة في علم الشيخوخة، كونه لا يقيس فقط العمر الزمني للفرد، بل يكشف عن التقدم البيولوجي، ما يتيح التدخل الوقائي المبكر لتحسين الصحة وجودة الحياة".
ولم تغفل الدراسة دور النظام الغذائي في التأثير على النتائج، إذ حصل الأفراد الذين تناولوا كميات أكبر من الأسماك الزيتية مثل السلمون والسردين وأبو سيف، وقللوا من استهلاك السكر، على مؤشرات IC أعلى. كما تبين أن الإفراط في تناول مكملات الكالسيوم أو السكريات يرتبط بانخفاض القدرة الذاتية.
وأكد الدكتور تونتش تيرياكي، مؤسس معهد لندن للتجديد، أن "أحماض أوميغا 3 الموجودة في الأسماك الزيتية تساهم في تقليل الالتهاب وحماية الأعصاب، بينما يزيد الإفراط في تناول السكر من سرعة التدهور العقلي والجسدي"، مشددًا على أهمية إدراج التمارين الهوائية وتقوية العضلات في نمط الحياة اليومي، إلى جانب الحفاظ على العلاقات الاجتماعية وتحفيز الدماغ.
هذا الاكتشاف قد يُحدث نقلة نوعية في مجال الطب الوقائي والشيخوخة الصحية، معززًا فرص الناس في العيش لأعمار أطول بصحة وجودة حياة أفضل.
م.ال
اضف تعليق