في اكتشاف علمي جديد قد يغير النظرة إلى النوم، ربطت دراسة حديثة بين جودة النوم وتنوّع البكتيريا النافعة في الفم لدى المراهقين والشباب، مقدمةً دليلاً علميًا على أن النوم ليس مجرد راحة، بل عنصر فعّال في دعم توازن الجسم الميكروبي ومناعته.
عرض في مؤتمر النوم العالمي 2025
أُعلنت نتائج الدراسة في «المؤتمر السنوي الدولي للنوم» (SLEEP 2025) الذي أقيم في مدينة هيوستن الأميركية، بمشاركة نخبة من كبار الباحثين في مجالي طب النوم والأحياء الدقيقة.
قاد الدراسة فريق من جامعة ولاية أريزونا بقيادة الدكتور كايل بورده، بالتعاون مع الدكتور كينيث رايت الابن من معهد النوم والعلوم البيولوجية بجامعة كولورادو بولدر، وتناولت أثر مدة النوم على تنوّع البكتيريا الفموية لدى أكثر من 200 مشارك تتراوح أعمارهم بين 13 و21 عامًا.
تنوّع ميكروبي أعلى لدى من ينامون أكثر
وخلصت النتائج إلى أن النوم الليلي لفترات طويلة – وتحديدًا لأكثر من تسع ساعات – يرتبط مباشرة بزيادة تنوع البكتيريا المفيدة في الفم، وهو مؤشر مهم لصحة الفم والمناعة العامة، في المقابل، أظهر من ينامون أقل انخفاضًا ملحوظًا في تنوع الميكروبيوم، ما قد يضعف دفاعات الجسم الطبيعية ويزيد من خطر الإصابة بالتهابات ومشكلات صحية مزمنة.
استخدم الباحثون أجهزة تتبع نوم دقيقة وتحليلًا لجينات البكتيريا الفموية، ليربطوا للمرة الأولى بين النوم وتكوين البيئة الميكروبية داخل الفم.
النوم... مؤشر بيولوجي لصحة الجسم
يرى الدكتور كينيث رايت أن الميكروبيوم الفموي المتنوع مرآة لنمط حياة صحي، مشيرًا إلى أن نتائج هذه الدراسة تُعد سابقة من نوعها، أما الدكتور بورده، فأكد أن هذه النتائج تغيّر النظرة الطبية للنوم؛ إذ لم يعد مجرد انعكاس للصحة، بل عنصر فاعل فيها.
الدراسة تمهّد لمقاربات جديدة في الطب، من أبرزها استخدام أنماط النوم كمؤشر مبكر لصحة الفم والجسم، وربط عادات النوم بتوصيات الوقاية في طب الأسنان.
انعكاسات واسعة في الطب والتعليم
تمتد تأثيرات هذا الاكتشاف إلى مجالات متعددة:
• في طب النوم: قد يكون فحص الفم وسيلة غير مباشرة لتقييم جودة النوم.
• في طب الأسنان الوقائي: يمكن إدخال تحسين عادات النوم كجزء من برامج حماية اللثة والأسنان.
• في المدارس والمجتمع: قد يُدمج هذا الفهم ضمن حملات التوعية الصحية بين الطلاب، لتعزيز مفهوم «النوم كصحة فموية وجسدية».
الميكروبيوم الفموي: خط الدفاع الأول
الميكروبات الفموية لا تعيش في عزلة، بل تمثل الخط الأمامي لمناعة الجسم، كلما زاد تنوّع البكتيريا الحميدة، زادت قدرة الجسم على التصدي للأمراض، من تسوُّس الأسنان إلى اضطرابات الهضم وضعف المناعة.
لهذا، أوصى الباحثون بتوسيع نطاق الدراسات لتشمل مختلف الأعمار، ودراسة تدخلات سلوكية مثل البروبيوتيك، والحد من السكريات، والنظافة الفموية، وتأثيرها على النوم والميكروبيوم معًا.
ع.ع
اضف تعليق