يبدو أن الاحتمال الأكثر ترجيحًا لنهاية الغزو الروسي لأوكرانيا سيكون من خلال المفاوضات، وهذا ما خلُص إليه زاك بوشامب، كبير مراسلي موقع "ڨوكس"، في تقريره المنشور في الموقع الأمريكي، وذلك للرد على السؤال المطروح حاليًا: هل ستخسر روسيا الحرب في أوكرانيا بعد تعطُّل معداتها وتعرُّض قواتها لخسائر فادحة؟

يشدد التقرير على أنه لا يُمكن التنبؤ بنتائج الحروب، ويمكن لعدد من الأمور، مثل التعزيزات الروسية والانتشار الكبير لقواتها الجوية وسقوط ماريوبول المحاصرة، أن تبثَّ في الهجوم الروسي روحًا جديدة، ولكن حتى لو بدأت روسيا في تحسين أدائها في ساحة المعركة، سيظل هدفها الأولي – وفقًا لأولجا أولكر- أن "تصبح أوكرانيا خاضعة تمامًا لروسيا، وهو أمر يبدو بعيد المنال تدريجيًّا".

ولا يعني هذا أن الحملة الروسية ستفشل تمامًا، ومن المحتمل تصور انتزاع روسيا تنازلات سياسية مهمة من زيلينسكي في مفاوضات السلام الجارية، استنادًا إلى الطريقة التي ستسير بها الحملة العسكرية، وإذا طوَّقت روسيا مزيدًا من المدن الأوكرانية الكبرى، فسيحظى الروس بنفوذ تفاوضي أكبر بكثير، ويُمكنهم استخدامه لانتزاع شروط إيجابية، مثل الاعتراف الأوكراني بضم شبه جزيرة القرم والتزام الحياد بعدم الانضمام إلى الناتو أو الاتحاد الأوروبي.

ولكن إذا استمرت الاتجاهات العسكرية الحالية، فإن الأوكرانيين يمتلكون الأوراق الرابحة، ويمكن تصور عقد صفقة تصب في صالحهم إلى حد كبير، وتشير بعض التقارير إلى أن فريق التفاوض الأوكراني في المحادثات يتصور نسخة محددة للغاية من "الحياد": استبعاد عضوية أوكرانيا في الناتو، لكنها تلزم القوى الغربية بتوفير الأسلحة والدفاع الجوي إذا تعرضت للهجوم، وهذا من شأنه أن يضع أوكرانيا في علاقة أمنية أوثق بكثير مع الغرب مما كانت عليه قبل الحرب.

يُنوِّه التقرير إلى أن الاختلاف الأبرز بين الجيشين الأوكراني والروسي، بحسب بعض الخبراء، يكمن في الروح المعنوية: إيمان الجنود بقضيتهم واستعدادهم للقتال من أجلها، وهو ما وصفه فارلي بأنه: "العامل الوحيد الذي قد يكون حاسمًا تمامًا لصالح أوكرانيا".

ويشرح دارتموث جيسون ليال، عالم العلوم السياسية، في كتابه "الجيوش المُقسَّمة" دور الروح المعنوية في أداء الجنود في ساحة المعركة، مشيرًا إلى أن: "الروح المعنوية الروسية كانت منخفضة بصورة لا تُصدق قبل اندلاع الحرب، بسبب التنكيل الوحشي في صفوف الجيش والانقسامات العِرقية والفساد وغيرها: ولم يكن الجيش الروسي مستعدًّا لخوض هذه الحرب، وكان ارتفاع متوسط المعدات العسكرية المتروكة أو التي جرى الاستيلاء عليها، والتقارير المنشورة عن المعدات المخرَّبة، وهروب أعداد كبيرة من الجنود، نتيجةً لانخفاض الروح المعنوية".

جيسون ليال حذَّر من أن الروح المعنوية يمكن أن تتغير مع المستجدات في الميدان: فقد يُسفر أي تقدم ملحوظ لروسيا في منطقة ما عن تشجيع القوات الروسية وإحباط معنويات الأوكرانيين. ويمكن أن تنتصر الجيوش ذات المعنويات المنخفضة، باستخدام الأساليب (الوحشية)، مثل (القتل الجماعي) للمدنيين – وفقًا لتعبير الكاتب- والذي يبدو أنه جزء مهم من إستراتيجية بوتين الحالية.

ويختم المراسل تقريره بالإشارة إلى أنه من الصعب تحديد كيف ستسير هذه المحادثات، أو متى تنتهي ومدى نجاحها، لكن حقيقة أن التوصُّل إلى إنهاء الحرب من خلال المفاوضات يبدو أكثر ترجيحًا من تحقيق نصر روسي كامل في مقابل نجاح الدفاع الأوكراني حتى الآن.

اضف تعليق