دخل الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة شهره الثالث، وسط تحذيرات دولية متصاعدة من كارثة إنسانية تلوح في الأفق، مع انهيار شبه تام في النظام الصحي، وشح حاد في الغذاء والوقود والأدوية، ما أدى إلى تفشي الأمراض وزيادة الوفيات بين المدنيين.
منذ أكثر من 60 يوماً، منعت إسرائيل دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع، حيث يعيش نحو مليوني نسمة، ما فاقم الأوضاع المعيشية والصحية إلى مستويات غير مسبوقة.
وقال مدير عام وزارة الصحة في غزة، الدكتور منير البورش، لصحيفة "نيويورك تايمز": "في معظم الحالات يموت المرضى.. لا نصيحة يمكنني تقديمها للناس".
وتصر إسرائيل على مواصلة الحصار حتى إطلاق سراح الرهائن المحتجزين لدى حركة "حماس"، وتؤكد أن غزة لا تزال "تملك ما تحتاجه". لكن منظمات إنسانية ومسؤولين أمميين وأوروبيين اعتبروا هذا الموقف خرقاً واضحاً للقانون الدولي الإنساني، متهمين إسرائيل باستخدام المساعدات "كورقة ضغط" على حساب المدنيين.
تواجه غالبية العائلات الغزية أزمة غذائية حادة، بعد أن نفدت الإمدادات من وكالة "الأونروا" وبرنامج الأغذية العالمي، وأغلقت الأفران أبوابها.
وتحدث المواطن أحمد محسن (30 عاماً) عن وقوفه يومياً لساعتين أمام مطبخ خيري للحصول على "صحن أرز فقط"، مشيراً إلى أن أسعار المواد الغذائية ارتفعت إلى أضعاف، حيث بلغ ثمن كيس الدقيق 300 دولار، في حين كان سعره لا يتجاوز 5 دولارات قبل الحصار.
وفي مشهد آخر، قال أحمد النمس، وهو بقال نازح، إنه يطهو لعائلته وجبة واحدة يومياً على نار تشعلها والدته باستخدام أحذية ممزقة بسبب نفاد الوقود.
وأضاف: "نشعر بالضيق ونحن نرى إخوتنا جياعاً، ولا نملك شيئاً نفعله".
يُجري برنامج مراقبة سوء التغذية التابع للأمم المتحدة مراجعة ميدانية لتحديد ما إذا كانت الظروف في غزة قد بلغت مستوى "المجاعة" بحسب التصنيفات الدولية.
وتشير تقارير المنظمة إلى أن أكثر من 91% من سكان القطاع يعانون من "انعدام الأمن الغذائي الحاد"، مع تزايد انتشار مقاطع فيديو لأطفال يعانون من الهزال الشديد.
يتزامن شح الغذاء مع انهيار شبه كامل في القطاع الصحي. في مستشفى الشفاء، يعاني مرضى الفشل الكلوي والحروق من نقص الأدوية والتغذية اللازمة، بينما أكد الدكتور غازي اليازجي، رئيس قسم أمراض الكلى، أن المستشفى يفتقر إلى أدوية أساسية مثل أدوية السكري وضغط الدم، كما أن معدات قسطرة القلب أصبحت شبه معدومة.
وقال اليـازجي محذراً: "نحن نواجه كارثة بكل ما تعنيه الكلمة.. بدون مساعدات عاجلة سنخسر المزيد من الأرواح".
من جهته، جدد منسق الشؤون الإنسانية لدى الأمم المتحدة، توم فليتشر، دعوته إلى رفع الحصار، قائلاً: "نكرر النداء إلى السلطات الإسرائيلية ومن يمكنهم التأثير عليها: ارفعوا هذا الحصار الوحشي. لا يوجد أي اعتذار يكفي لما يعانيه المدنيون اليوم".
م.ال
اضف تعليق