إخلاص داود

انتشرت في الآونة الاخيرة ظاهرة تعاطي المخدرات بانواعها في العراق وتحولت البلاد من ممر للنقل الى التعاطي، فيما برزت تحذيرات من جهات مختلفة دينية وسياسية الى دراسة الظاهرة وإيجادالسبل الكفيلة بمعالجتها.

والخشخاش أو كما يسمى أبو النوم، هي نبتة حولية أو نصف حولية يتراوح ارتفاعها بين 50 إلى 150 سم، وتختلف أزهاره بين البيضاء والصفراء والبرتقالية والحمراء، ويصنع من قشرة زهرة النبتة غير الناضجة الأفيون وهو العصارة التي تخرج عند القيام بخدشها وذلك بغرض تصنيع العديد من المواد الأفيونية، ومن المناطق التي يزرع فيها الخشخاش دول الهلال الذهبي وهي: باكستان، أفغانستان، إيران، ودول المثلث الذهبي: تايلاند، لاوس، ميانمار، اما الممر الذهبي فهي دول آسيا الوسطى والمكسيك، الهند، لبنان، كولومبيا.

انتشار الخشخاش في العراق

نقلت صحيفة ذي إندبندنت عن المناطق التي تزرع الخشخاش في العراق، وينتج في مزرعة بالقرب من قرية بهرز الواقعة جنوب مركز محافظة بعقوبة، وقالت أنه مزروع تحت أشجار البرتقال. كما وكشفت الصحيفة عن وجود مزارع للخشخاش بالقرب من الديوانية يمولها مهربون كانوا في السابق يجلبون المخدرات من أفغانستان إلى السعودية ودول الخليج الأخرى.

وامتد نطاق هذه الزراعة ليشمل محافظة ديالى، ولا تزال المنطقة المخصصة لزراعة الأفيون في ديالى محدودة إذا ما قورنت بالمناطق المخصصة للخشخاش حول بلدات العمارة والمجر الكبير بالجنوب العراقي. وينقل الخشخاش من محافظة ديالى إلى مدينة الرمادي، إلا أنه لم يكشف حتى الآن عن وجود مختبرات لإنتاج الهيروين في العراق.

ولم يكن العراق معروفا باستهلاك الهيروين، إلا أن المخدرات كانت تنقل إليه من أفغانستان وتجلب إلى مدينة البصرة قبل أن تهرب إلى أسواق السعودية والكويت ودول الخليج الأخرى.

من يزرع الخشخاش؟

أثار تصريح للنائب العراقي فائق الشيخ علي، في 2016، جدلا واسعا في الأوساط السياسية بعد حديثه عن وجود مزارع لـ"الخشخاش" في محافظات جنوب العراق تحت رعاية أحزاب سياسية.

ودفعت تصريحات النائب، لجنة الزراعة البرلمانيّة، للأعلان أنّها "ستحقّق في المعلومات التي تتحدّث عن زراعة بعض أنواع المحاصيل التي تستخدم لصناعة المخدّرات، خصوصاً نبات الخشخاش في جنوب العراق".

فيما نفى عضو اللجنة الزراعيّة البرلمانيّة النائب علي البديري، زراعة هذا النبات المخدّر في جنوب العراق، معتبرا أنّ "المعلومات المتداولة حول الموضوع غير دقيقة، وأنّ وجود مثل هكذا ظاهرة خطيرة تحتاج إلى وسائل إنتاج، وأراضٍ تزرع فيها، وأنّ العثور على حالات فرديّة نادرة لا يتيح القول إنّ العراق بات ينتج المخدّرات".

وقد أتلفت القوّات الأمنيّة كميات من نبتة الخشخاش، في مزرعة تبلغ مساحتها 16 دونما، وقامت بإحراقها بالكامل في قضاء الشرقاط بمحافظة صلاح الدين، وأكدت مصادر أمنية أن أفراد تنظيم داعش هم من زرعوا النبتة في الشرقاط لتمويل عمليّاتهم، باستخلاص مادّة الهيروين من هذه النبتة في مختبرات جامعة الموصل التي احتلّها التنظيم في حزيران/يونيو 2014.

وفي 2016 ضبطت مزرعة المخدّرات الأولى عند ضواحي أربيل عاصمة إقليم كردستان من قبل قوّة أمنيّة، وخمّنت قيمة محتوياتها من موادّ مخدّرة بنحو المليون دولار.

وتم ضبط ارض زراعية خاصة لزراعة مخدر الخشخاش في احدى القرى التابعة لناحية الشافعية بالديوانية من قبل قيادة شرطة المحافظة، 2019. وذكرت قيادة الشرطة في بيان لها، انه "بعد توفر معلومات استخبارية دقيقة ومؤكدة تم الحصول عليها من قبل المصادر السرية الخاصة تمكنت مديرية الاستخبارات ومكافحة الإرهاب من ضبط ارض زراعية في ناحية الشافعية وتحديدا في قرية تسمى زويطة خاصة لزراعة نبات الخشخاش الذي يعد من المواد السامة والمخدرة وقد تم اتخاذ الإجراءات القانونية بحق مالك الارض".

وينص قانون المخدرات والمؤثرات العقلية رقم 50 لسنة 2017 في المادة (32) منه على أن "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن (1) سنة واحدة ولا تزيد على (3) ثلاث سنوات وبغرامة لا تقل عن (5000000) خمسة ملايين دينار ولا تزيد على( 1000000)عشرة ملايين دينار كل من استورد أو أنتج أو صنع أو حاز أو أحرز أو اشترى مواد مخدرة أو مؤثرات عقلية أو سلائف كيميائية أو زرع نباتا من النباتات التي ينتج عنها مواد مخدرة أو مؤثرات عقلية أو اشتراها بقصد التعاطي والاستعمال الشخصي". وبذلك اعتبر القانون التعاطي الشخصي جنحة لا تزيد عن ثلاث سنوات.

ويمنع القانون العراقي، زراعة الخشخاش كونها نباتا مخدرا، فقد أصدرت وزارة الزراعة بحسب وكيل الوزارة مهدي القيسي، توجيهات المنع لأكثر من مرة على مديرات الزراعة ودائرة حماية المزروعات.

وأضاف المسؤول العراقي، خلال تصريح له في يوليو/تموز الماضي، أن "الوزارة مستمرة بحملات التوعية والإرشاد للفلاحين والمواطنين حول خطورة هذا النبات، وضرورة إبلاغ دائرة حماية المزروعات في حال إيجاده مزروعا في مكان ما لتقوم باقتلاعه وحرقه".

وبخصوص دخول "الخشخاش" مخلوطا ببذور أخرى، أكد القيسي أن "أي بذور تدخل للعراق يسبقها تسجيل من قبل اللجنة الوطنية لتسجيل واعتماد وحماية الأصناف الزراعية التابعة لوزارة الزراعة".

وبحسب ذي إندبندنت فإن لجوء سلاطين الأحزاب، إلى زراعة الخشخاش تطور ويهدد العراق الذي غالبا ما يتحالف مسؤولوه السياسيون المحليون مع عصابات الجريمة المنظمة.

اضف تعليق