النبأ: في إصدار بحثي رائد، قدّم الباحث داي ياماو من كلية الدراسات العليا للعلوم الاجتماعية، جامعة كيوشو، فوكوكا، اليابان، دراسة تحليلية بعنوان "تحليل آثار الصراع على بناء الأمة في العراق"، تناول فيها بصورة علمية دقيقة كيف أثّرت الصراعات المتلاحقة منذ عام 2003 على بنية الدولة العراقية وتصورات مواطنيها تجاهها.
يتميّز هذا العمل بكونه أول دراسة تجريبية من نوعها تستخدم مزيجا من الأساليب الكمية والنوعية، تجمع بين تحليل النصوص، والاستبيانات الواسعة، والمصادر الأولية مثل الكتب المدرسية والصحف المحلية، لتقديم فهم أعمق للعلاقة بين الحرب والهوية الوطنية.
ورغم أن العراق عانى من حروب أهلية وصراعات دامية، تكشف نتائج البحث أن المجتمع العراقي ما زال يحتفظ بقدر لافت من التماسك الوطني. فالمسوحات التي أجراها الباحث تُظهر أن المواطنين، رغم ضعف ثقتهم بمؤسسات الدولة، ما زالوا ينظرون إليها باعتبارها الجهة الشرعية القادرة على تمثيلهم وتلبية تطلعاتهم، في مقابل غياب الثقة في القوى غير الحكومية.
كما تؤكد الدراسة على وجود شعور متجذر بالهوية العراقية المشتركة، وإيمان بأهمية سياسات التكامل الوطني، ما يشير إلى مفارقة فكرية واجتماعية تستحق الوقوف عندها: فبينما تُضعف الصراعات مؤسسات الدولة، تبقى فكرة الأمة العراقية قائمة في الوجدان العام.
ويقدّم الكتاب، من خلال تحليله المقارن، رؤى جديدة حول بناء الدولة في مرحلة ما بعد النزاع، مع اقتراحات منهجية يمكن أن تُطبّق في دول أخرى شهدت حروبًا أهلية مماثلة. وبهذا، يُعدّ العمل مرجعًا أساسيا للباحثين وصنّاع القرار المهتمين بفهم آليات الصمود الاجتماعي والوطني في بيئات ما بعد الحرب.



اضف تعليق