تفاقمت حدّة التوتر بين الصين واليابان خلال الساعات الماضية بعد سجال دبلوماسي محتدم أثارته تصريحات رئيسة الوزراء اليابانية ساناي تاكايتشي بشأن تايوان، والتي اعتبرتها بكين "استفزازاً خطيراً" يستوجب الرد.
وبدأت الأزمة حين أدلت تاكايتشي بتصريحات أمام البرلمان الياباني الأسبوع الماضي، قالت فيها إن أي هجوم صيني على تايوان قد يشكّل "وضعاً يهدد البقاء" قد يستدعي ردّاً عسكرياً من طوكيو.
واعتبرت الصين تلك التصريحات تدخلاً في "شؤونها الداخلية"، مُطلِقة سلسلة انتقادات شديدة اللهجة.
وفي تصعيد مفاجئ، نشر كبير الدبلوماسيين الصينيين في أوساكا، شوي جيان، تعليقاً على منصة "إكس" أورد فيه أن "الرقبة القذرة التي تتدخل في شؤون الآخرين يجب قطعها"، في إشارة إلى تصريحات تاكايتشي، قبل أن يحذف المنشور لاحقاً. واستدعت وزارة الخارجية اليابانية السفير الصيني في طوكيو للاحتجاج على ما وصفته بـ"التجاوزات غير اللائقة للغاية"، بينما طالبت شخصيات سياسية يابانية بطرد شوي، في حين اكتفت الحكومة اليابانية بالمطالبة بأن تتخذ بكين "الإجراءات المناسبة".
وفي بيان حاد النبرة، قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الصينية، جيانغ بين، إن تصريحات تاكايتشي "خطيرة وغير مسؤولة"، محذراً من أن "أي استخدام للقوة من الجانب الياباني للتدخل في مسألة تايوان سيواجه هزيمة ساحقة أمام جيش التحرير الشعبي الصيني ذي الإرادة الفولاذية، وسيدفع ثمناً باهظاً".
وفي خطوة مقابلة، استدعت وزارة الخارجية الصينية سفير اليابان في بكين، وقدّم الجانب الصيني "احتجاجاً شديد اللهجة"، وهي المرة الأولى منذ عامين التي يلجأ فيها إلى هذا الإجراء.
وكانت آخر مرة استدعت فيها بكين السفير الياباني في أغسطس/آب 2023 احتجاجاً على قرار طوكيو تصريف مياه محطة فوكوشيما في البحر.
التوتر امتد أيضاً إلى المجال الأمني؛ إذ عبّرت الصين عن "مخاوف جدية" بشأن سياسات اليابان الدفاعية المتجددة، بما في ذلك عدم استبعاد طوكيو امتلاك غواصات نووية مستقبلاً، واصفة ذلك بتحول "سلبي" في سياستها العسكرية.
كما دعت الجهات الرسمية الصينية المواطنين إلى تجنّب السفر إلى اليابان "في الوقت الراهن" بسبب ما قالت إنه "تدهور ملحوظ" في العلاقات الثنائية.
وسائل الإعلام الحكومية الصينية دخلت على خط التصعيد، إذ نشرت صحيفة الشعب اليومية، الناطقة باسم الحزب الشيوعي، تعليقاً وصفت فيه تصريحات تاكايتشي بأنها "ليست مجرد مناورة سياسية عابرة"، بل انعكاس لما اعتبرته "اندفاعاً يمينياً في اليابان نحو تعزيز القوة العسكرية وتخفيف القيود المفروضة بعد الحرب العالمية الثانية".
وأضافت، أن "اليابان تتسابق بتهور على طريق الحشد العسكري، وتعيد إنتاج سرديات الماضي عبر إنكار فظائع نانجينغ، وزيارات ضريح ياسوكوني، والترويج لنظرية التهديد الصيني".
وتبقى الذاكرة التاريخية للحرب العالمية الثانية، وما سبقها من غزو ياباني للصين في ثلاثينيات القرن الماضي، أحد أبرز مصادر التوتر المزمن بين البلدين، في ظل حساسية الصين المتصاعدة إزاء أي مواقف تتعلق بتايوان.
وتبعد تايوان نحو 110 كيلومترات فقط عن الأراضي اليابانية، وتشكل مياهها طريقاً استراتيجياً للتجارة اليابانية، فيما تستضيف طوكيو أكبر وجود عسكري أميركي خارج الولايات المتحدة، ما يمنح النزاع حول الجزيرة أبعاداً جيوسياسية تتجاوز حدود المنطقة.
م.ال



اضف تعليق