يعاني العراق من تراجع حاد في الموارد المائية نتيجة عوامل داخلية وخارجية متشابكة، أبرزها سياسات دول الجوار، وسوء الإدارة المحلية، والتغيرات المناخية.
ورغم أن أزمة المياه في العراق من أخطر الأزمات التي تواجه البلاد في العقود الأخيرة، إذ تحوّلت من مشكلة تنموية إلى تهديد استراتيجي يمس الأمن الغذائي والسكاني والبيئي، إلا أن مناقشتها كشفت في مجلس النواب العراقي الثلاثاء، سيتم ترحيلها لما بعد الانتهاء من إجراء الانتخابات التشريعية المقررة يوم 11 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل بحسب لجنة الزراعة والمياه والأهوار.
وأوضح عضو اللجنة، ثائر مخيف الجبوري أن "أزمة المياه ستبقى لما بعد اجراء الانتخابات النيابية المزمع إجراؤها الشهر القادم وقد ترحل إلى المرحلة القادمة اي بعد تشكيل الحكومة، رغم الجهود الكبيرة المبذولة من الحكومة الجهات المعنية إلا أنها لم تحل الأزمة بشكل فعلي".
ووفقا للمعطيات الحالية فإن "الأزمة ستبقى حتى تشكيل الحكومة القادمة"، بحسب الجبوري.
وأقامت تركيا وإيران خلال العقود الماضية سلسلة من السدود والمشاريع المائية الكبرى على نهري دجلة والفرات وروافدهما، ما أدى إلى تقليص كميات المياه المتدفقة إلى الأراضي العراقية بنسبة تتجاوز 60 بالمئة.
وساهم سوء الإدارة الداخلية من ضعف البنية التحتية المائية، وتسرب المياه في شبكات الري، وغياب خطط وطنية فعالة لإدارة الموارد المائية، والاعتماد المفرط على الأساليب الزراعية التقليدية التي تهدر كميات كبيرة من المياه، في مفاقمة الأزمة.
وأكد مرصد العراق "الاخضر" البيئي تفاقم ازمة المياه في المحافظات الجنوبية رغم اعتدال الأجواء، نافيا صحة الأنباء الواردة حول زيادة الاطلاقات من تركيا الى نهري دجلة والفرات.
وذكر المرصد في تقرير أن تأخر موسم الأمطار كما توقع في وقت سابق أسهم في تفاقم هذه الأزمة أكثر، رغم وجود حديث عن أن هذا الموسم سيكون مختلفاً عن المواسم السابقة بزيادة هطول الأمطار وامكانية الاستفادة منها في ملئ السدود والخزانات التي انخفضت مستويات الخزين المائي.
وتابع أن الحديث عن زيادة تركيا للإطلاقات المائية في العراق عار عن الصحة، بدليل الازمة المائية في المحافظات الوسطى والجنوبية والتي لاتزال كما هي منذ يونيو/ حزيران الماضي ولغاية الآن، والتي تسببت في جفاف الأهوار ونفوق الأحياء المائية وأعداد كبيرة من الجاموس.
وأكد المرصد على ضرورة مصارحة الجهات المعنية بملف المياه في البلد للشعب العراق بصعوبة الوضع المائي في العراق، وإمكانية التعاون بين الحكومة والمواطن من أجل عبور هذه الأزمة التي تتفاقم يوما بعد يوم.
ويعاني العراق منذ سنوات من تراجع حاد في مناسيب المياه بسبب انخفاض الإطلاقات من دول المنبع، وعلى رأسها تركيا، التي تتحكم في جريان نهري دجلة والفرات عبر مشاريع وسدود ضخمة.
ورغم ذلك، أقدمت أنقرة مؤخرًا على زيادة الإطلاقات المائية باتجاه العراق، في استجابة جزئية للمطالبات الرسمية، وسط استمرار الدعوات العراقية لتثبيت حصة عادلة وثابتة تضمن الأمن المائي للبلاد.
وكان رئيس البرلمان محمود المشهداني، أعلن في مطلع شهر يوليو/ تموز الماضي، عن موافقة تركيا على زيادة الإطلاقات المائية للعراق، لكنها لم تحسن شيئا من الواقع.
وقد ضربت أزمة جفاف محافظات الجنوب، وخاصة ذي قار وميسان، وتسببت بهجرة كبيرة وانقطاع المياه في الأقضية والنواحي، فضلا عن الأهوار، التي لم تصلها المياه بشكل تام، كما أكد ذلك محافظ ميسان، في نهاية شهر يوليو/تموز الماضي.
ع ع
اضف تعليق