النبأ: صدر عن مطبعة جامعة كامبريدج كتاب جديد للباحثة عُلا كاظم بعنوان "بناء الدولة في الشتات: الشبكات العابرة للحدود الوطنية وتكوين العراق بعد عام 2003"، تقدم قراءة معمقة في الدور الذي لعبته الجاليات العراقية في الخارج في إعادة صياغة ملامح الدولة العراقية بعد سقوط نظام صدام.

يحلّل الكتاب ظاهرة عودة المنفيين العراقيين بعد الغزو الأنجلو-أمريكي عام 2003، وهم يحملون معهم خبراتهم وتصوراتهم السياسية والاجتماعية المستمدة من بلدان المهجر. هؤلاء العائدون، الذين شكلوا نخبة جديدة ذات موارد مالية وشبكات دولية، أصبحوا فاعلين أساسيين في بناء مؤسسات الدولة الجديدة، وفي الوقت نفسه مثار جدل حول طبيعة النفوذ الذي مارسه الشتات على القرار الوطني.

وتشير الباحثة إلى أن الشتات العراقي لم يكن مجرد ظاهرة إنسانية أو اجتماعية، بل قوة سياسية عابرة للحدود، ساهمت في دعم مؤسسات الدولة عبر شبكات الرعاية الاجتماعية والتضامن، لكنها أيضاً تحدّت سياساتها وأعادت رسم حدود الفعل السياسي والاقتصادي داخل العراق.

من خلال سلسلة من المقابلات الميدانية وتحليل العلاقات العابرة للحدود، تكشف الدراسة كيف ساهمت تلك الشبكات في بناء نموذج فريد من الدولة ما بعد الصراع، تتقاطع فيها الهويات الوطنية والمنفى والعولمة.

ويرى الكتاب أن تجربة الشتات العراقي تمثل مختبراً لفهم ديناميات بناء الدولة في القرن الحادي والعشرين، حيث لم يعد تشكيل الدول محصوراً داخل حدودها، بل أصبح نتاجاً لتفاعل واسع بين الداخل والخارج، بين الوطن والمهاجرين.

بهذا العمل، تفتح علا كاظم أفقاً جديداً في دراسة الدولة العراقية الحديثة، مقدّمةً مرجعاً أكاديمياً يجمع بين التحليل السياسي والسوسيولوجي والتاريخي، ويضيء على القوة الهادئة للشتات في إعادة تعريف مفهوم الانتماء والدولة في العراق المعاصر.


اضف تعليق