يتزايد القلق في العالم من ارتفاع معدلات الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني، الذي يرتبط في الغالب بنمط الحياة الحديث والغذاء المعتمد على الأطعمة المصنعة. لكن الأبحاث الطبية الحديثة تؤكد أن نوعية الطعام يمكن أن تكون درعاً وقائياً فعالاً ضد المرض، إذا ما اتُّبعت بانتظام.
الغذاء أساس الوقاية
توضح "مايو كلينك" ضمن تقريرها حول الوقاية من السكري أن "اختيار نمط حياة صحي هو الخطوة الأهم لتأخير أو منع الإصابة بالمرض". وتشير المؤسسة الطبية إلى أن النظام الغذائي الغني بالألياف والحبوب الكاملة والخضراوات والبقوليات والفاكهة الكاملة، يمكن أن يقلل خطر السكري بصورة ملموسة.
وفي هذا الخصوص، يقول اختصاصي الغدد الصماء في "مايو كلينك" الدكتور مايكل جينكيس إن "تناول الأطعمة التي تحوي أليافاً طبيعية يبطئ امتصاص السكر في الدم، ويحافظ على استقرار مستوى الغلوكوز"، مضيفاً أن "التحكم في الوزن من خلال الغذاء الصحي والنشاط البدني المنتظم يعد حجر الأساس في الوقاية".
الحبوب الكاملة أفضل من المكررة
بحسب مراجعة طويلة الأمد أجراها باحثون في كلية الطب بجامعة هارفرد ونشرت في مجلة "بي أم جيه"، فإن الأشخاص الذين يستهلكون الحبوب الكاملة بانتظام تقل لديهم احتمالات الإصابة بالسكري بنسبة تصل إلى 30 في المئة، مقارنة بمن يتناولون الحبوب المكررة مثل الرز الأبيض والخبز الأبيض.
وتنصح "مايو كلينك" بتضمين الحبوب الكاملة مثل الشوفان والقمح الكامل والرز البني في الوجبات اليومية، مشيرة إلى أنها "مصدر للطاقة البطيئة التي لا تسبب ارتفاعاً حاداً في سكر الدم".
دهون مفيدة
تجربة إسبانية واسعة تعرف باسم "بريدي ميد" (PREDIMED) تابعت أكثر من 7000 شخص على مدى أعوام، أظهرت أن الذين اعتمدوا الحمية المتوسطية الغنية بزيت الزيتون البكر والمكسرات قلت لديهم حالات الإصابة بالسكري بمعدل يقارب النصف، مقارنة بمن اتبعوا نظاماً قليل الدهون.
الزبادي المخمر يخفض الخطر
وبحسب تحليل ضخم نشر ضمن مجلة "نيوتريشن" عام 2023، فإن تناول الزبادي الطبيعي قليل الدسم وغير المحلى بانتظام يرتبط بانخفاض خطر الإصابة بالسكري، بنسبة تراوح ما بين 15 و20 في المئة.
تحليلات رصدية كبيرة ربطت بين تناول الزبادي بانتظام وانخفاض خطر السكري، بينما لم تظهر بقية منتجات الألبان الفائدة نفسها. ويوضح باحثو "هارفرد" أن أحد التفسيرات المحتملة هو أن بكتيريا الزبادي قد تُحسن حساسية الأنسولين وتقلل الالتهاب، مع التأكيد أن هذه الفرضية تحتاج تجارب عشوائية، وعملياً يُستحسن اختيار الزبادي الطبيعي غير المُحلى.
ووجدت دراسة على ثلاثة أفواج أميركية أن زيادة تناول الزبادي بأكثر من نصف حصة يومياً ارتبطت بانخفاض معتدل في الخطر، وأن استبدال حصة زبادي بحصة من الجبن ارتبط بانخفاض إضافي.
الفاكهة الكاملة لا العصائر
تؤكد الدراسات التي تابعت مئات الآلاف من الأشخاص داخل الولايات المتحدة أن تناول الفاكهة الكاملة، خصوصاً التوت والعنب والتفاح، يقلل من خطر الإصابة بالسكري، بينما يزيد العصير الصناعي أو حتى العصائر الطبيعية المصفاة من احتمال الإصابة، بسبب غياب الألياف وارتفاع سرعة امتصاص السكر.
ويشير تقرير "مايو كلينك" إلى أن "أفضل وسيلة للحصول على فوائد الفاكهة هي تناولها كما هي دون عصرها، لأن الألياف تساعد في ضبط امتصاص السكر وتعطي شعوراً أطول بالشبع".
القهوة المعتدلة قد تساعد
خلصت مراجعة نشرت ضمن مجلة "ديابيتولوجيا" الأوروبية إلى أن تناول القهوة يومياً بمعدل كوبين إلى أربعة أكواب، سواء كانت تحوي الكافيين أو خالية منه، يقلل خطر الإصابة بالسكري بنسبة تراوح ما بين 20 و25 في المئة.
البقوليات والخضراوات غير النشوية
توصي "كليفلاند كلينك" بإدراج العدس والحمص والفاصوليا ضمن النظام الغذائي اليومي لما تحتويه من بروتين نباتي وألياف وكمية منخفضة من النشا، مؤكدة أن هذه الأطعمة تساعد في التحكم بمستويات السكر وتحسين صحة القلب.
وتقول اختصاصية التغذية إيما روث من "كليفلاند كلينك"، "طريقة الطبق المتوازن وسيلة بصرية سهلة لفهم التوزيع الصحي للوجبة، نصف الطبق خضراوات غير نشوية وربع بروتين وربع حبوب كاملة أو بقوليات".
وتؤكد اختصاصية التغذية في "مايو كلينك" كيت زيراتسكي "توصيتي هي عندما يزيد الناس كمية الألياف لبلوغ الكميات الموصى بها، أن يفعلوا ذلك ببطء وتدرج، مع شرب كثير من الماء"، وتضيف ضمن المادة نفسها، أن زيادة الألياف تدعم صحة الأمعاء وتقي من الكوليسترول الضار والسكري".
ما يجب الحد منه
تحذر دراسة منشورة داخل مجلة "لانسيت لأمراض السكري والغدد الصماء" من أن استهلاك اللحوم المصنعة مثل النقانق واللانشون يزيد خطر الإصابة بالسكري، بينما استبدالها البقوليات أو الدجاج المشوي أو الأسماك بها يقلل من هذا الخطر.
وتؤكد "كليفلاند كلينك" أن المشروبات الغازية والعصائر المحلاة من أكثر الأسباب التي تؤدي إلى ارتفاع سكر الدم، داعية إلى استبدالها الماء أو الشاي غير المحلى بها.
وتتفق مراكز الأبحاث العالمية والطبية على أن الحماية من السكري تبدأ من المطبخ لا من الصيدلية. فالنظام الغذائي القائم على الخضراوات الورقية والفاكهة الكاملة والحبوب الكاملة، وزيت الزيتون والمكسرات، والزبادي الطبيعي والبقوليات مع تقليل اللحوم المصنعة والمشروبات السكرية، يشكل حتى اليوم أقوى درع غذائي ضد السكري من النوع الثاني.
متابعات
س ع



اضف تعليق