حملات تضليل، هجمات سيبرانية، وتصاعد لخطاب الكراهية رغم وقف إطلاق النار

رغم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين الهند وباكستان بعد تصعيد عسكري خطير، إلا أن جبهة جديدة لا تزال مشتعلة، وهذه المرة ليست في كشمير، بل على منصات التواصل الاجتماعي، وفق تقرير موسع نشره موقع أوروسيان تايمز نقلاً عن وكالة الصحافة الفرنسية.

التقرير كشف عن تصاعد حرب رقمية شرسة بين الجارتين النوويتين، تستخدم فيها كل من الهند وباكستان أدوات التضليل الإعلامي، الحسابات المزيفة، والتلاعب بالمحتوى المصور، في محاولة للهيمنة على السردية العامة وتوجيه الرأي العام المحلي والدولي.

منصات تغص بالتضليل والمعلومات المضللة

منصات مثل "فيسبوك" و"إكس" (تويتر سابقاً) شهدت تدفقاً كبيراً لمقاطع فيديو وصور ومعلومات تم التأكد من زيف معظمها. فالكثير من هذه المواد، بحسب التقرير، لا تمت بصلة للأحداث الجارية بين الطرفين، بل تعود إلى نزاعات أخرى كالحرب الروسية الأوكرانية أو العدوان الإسرائيلي على غزة، لكنها أُعيد توظيفها في سياق الصراع الهندي الباكستاني.

حتى الإعلام التقليدي في البلدين لم يسلم من الوقوع في فخ التضليل، إذ سارعت بعض القنوات والصحف إلى نشر أخبار غير مؤكدة حول "انتصارات ميدانية" مشكوك في صحتها.

الجنرال دومينيك ترينكان، الرئيس السابق للبعثة العسكرية الفرنسية لدى الأمم المتحدة، أشار إلى أن "الضبابية التي تحيط بالضربات العسكرية تعقّد مهمة التحقق من الوقائع، خاصة مع تصاعد الحرب الإعلامية الرقمية".

غارات جوية.. وأكاذيب رقمية

الحرب الإعلامية بلغت ذروتها عقب الغارات الجوية التي نفذتها الهند في 24 نيسان/أبريل على ما وصفته بـ"معسكرات إرهابية" داخل باكستان، رداً على هجوم دموي أودى بحياة 26 شخصاً في الجانب الهندي من كشمير.

في المقابل، نشر الجيش الباكستاني تسجيلاً مصوراً يُزعم أنه يُظهر آثار الغارات الهندية، لكن وكالة الصحافة الفرنسية أثبتت أن المقطع يعود لغارة جوية إسرائيلية على غزة عام 2023، وقد أُعيد نشره ضمن سياق زائف.

كما انتشر فيديو يظهر جنرالاً باكستانياً يعترف بخسارة طائرتين حربيتين، قبل أن تبيّن وحدة التحقق أنه مقطع معدل رقمياً من مؤتمر صحافي يعود إلى عام 2024.

بين الرقابة والتعبئة.. حكومات تردّ رقمياً

وفي خطوة غير متوقعة، رفعت السلطات الباكستانية الحظر عن منصة "إكس" بعد أكثر من عام على تقييدها، لتستخدمها كأداة في حرب المعلومات الجارية.

وعلّق الناشط الرقمي الباكستاني أسامة خلجي قائلاً: "في وقت الأزمات، لا يمكن للحكومات أن تسكت أصوات شعوبها كما فعلت سابقاً".

من جهة أخرى، أطلقت الهيئة الوطنية للاستجابة لحالات الطوارئ السيبرانية في باكستان تحذيراً من تزايد الهجمات الإلكترونية التي تستهدف المؤسسات الحكومية والمنشآت الاقتصادية، خصوصاً عبر الرسائل والبريد الإلكتروني وتطبيقات الدردشة.

وفي واحدة من أبرز الحوادث، تعرّض حساب مؤسسة ميناء كراتشي على "إكس" للاختراق، ونُشر عبره خبر زائف عن تعرض الميناء لهجوم عسكري هندي، قبل أن تنفي السلطات ذلك وتستعيد السيطرة على الحساب.

أما الهند، فقد ردت بحملة شاملة لحظر الحسابات الباكستانية، حيث أُغلق أكثر من 8,000 حساب على "إكس"، وأُوقفت 12 قناة يوتيوب بتهمة نشر "محتوى تحريضي".

وأطلقت هيئة التحقق التابعة لمكتب الإعلام الهندي حملة نفي واسعة، كذبت خلالها أكثر من 60 ادعاءً تم تداوله خلال الأزمة.

من العالم الافتراضي إلى الواقع.. خطاب الكراهية يتفجر

التضليل لم يقتصر على الإنترنت، بل تجاوز الحدود ليؤجج التوترات على الأرض، فقد وثّقت منظمة India Hate Lab الأميركية وقوع 64 حادثة تتعلق بخطاب الكراهية بين 22 نيسان و2 أيار، تم تصوير معظمها ونشرها لاحقاً على الإنترنت.

وقال رقيب حميد نايك، مدير مركز "دراسة الكراهية المنظمة"، إن "هناك علاقة طردية بين المحتوى الضار على الإنترنت وتصاعد التوترات الميدانية"، مشيراً إلى أن الهجوم في كشمير استُخدم كوقود تعبوي من قبل جماعات يمينية متطرفة في الهند.

في ولايات مثل هيماشال براديش وأوتاراخند، شهدت المدن مسيرات تحريضية تدعو إلى مقاطعة المسلمين اقتصادياً، وتداولت المنصات مقاطع فيديو لأشخاص بملابس دينية هندوسية يروّجون للكراهية الطائفية.

وأضاف نايك محذراً: "وقف إطلاق النار لا يعني نهاية التصعيد. ماكينة الكراهية الرقمية لا تتوقف، بل قد تعود بقوة أكبر".

م.ال

اضف تعليق